فيسبوك.. تويتر.. يوتيوب.. وغيرها (سلاح ذو حدين) بيد الشعوب وحكّامها ايضا َ
أدوات التواصل والاتصال الحديثة.. ما عادت للترفيه فقط
|
محمد علي/ الهدى/ متابعات:
رغم انها (سلاح ذو حدين) كما يصفها الكثيرون، ولها جوانب سلبية كثيرة، تحذر منها الدراسات والاستطلاعات ليس في بلداننا بل حتى في أوربا وأمريكا وباقي دول العالم، و لسنا في وارد سردها في هذه الاسطر(الجوانب السلبية)، الا أنها اثبتت من جانب آخر مدى فعاليتها وتأثيرها في شتى ميادين الحياة الراهنة عند مختلف الشعوب الى درجة اسهامها (كأدوات فعالة) في اطلاق شرارة ثورات وتغييرات كبيرة، يقودها بالخصوص جيل الشباب، الذي ماعادت الانظمة الحاكمة قادرة على فرض التعتيم والحصار عليه مهما اوتيت من قوة ومكر. انها ادوات الاتصال، والتواصل الاجتماعي، الحديثة، اعتمادا على شبكة الإنترنت، وثورة المعلومات والإتصال عبر الفيسبوك وتويتر ويوتيوب، والهاتف النقال، وغير ذلك من ادوات التكنلوجيا الحديثة. وبحسب مايرى بعض المحللين، انتهى عصر المقهى التقليدي، ودخلنا عصر نهاية المكان، وربما نهاية المثقفين التقليديين أيضا، حيث نشهد انبثاق ما يمكن أن نسميهم بالناشطين الجدد الذين التقطوا اللحظة الراهنة واستوعبوا معطياتها ومتطلباتها، وأتقنوا التعامل مع أدواتها، فانطلقوا في فضاء المقاهي الإلكترونية العابرة وغيرها من وسائل الإعلام والتواصل، وتمكنوا من صنع الكثير من الإنجازات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وغيرها من الاصعدة. ويجمعهم شيء مشترك هو محاولة فعل شيء يركزون على المساحة المجمع عليها من الهموم العامة والتي تشمل طيفا واسعا من القضايا بدءاً من الفساد السياسي، والقمع والظلم، مرورا بالاوضاع المعيشية والاجتماعية والبيئية و الحريات العامة، واستقلال القضاء، والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان وصولا الى تطبيق العدالة الاجتماعية وتحقيق مفهوم المواطنة، الخ. وهؤلاء الناشطون هم الممسكون بناصية الإعلام الاجتماعي الذي يكاد يُسقط الإعلام التقليدي بالضربة القاضية. فلم يعد المثقف النمطي وحده هو الذي يكتب ويقرأ له الناس، ولم تعد حرية التعبير عن الرأي محكومة بالقرار السياسي في بلد ما، ولم يعد النشاط الاجتماعي والسياسي حكرا على أحد. فبات هناك اليوم مئات الملايين من المدونات الشخصية في جميع قارات الكوكب. ويتوقع أن يصل أعداد أعضاء فيسبوك لوحده خلال العام الجاري إلى مليار شخص. كما توسع موقع تويتر بشكل لافت للانتباه، ذلك ان قلة من الناس كانوا يستعملونه قبل ثلاث سنوات. ففي عام 2007 لم يكن عدد الرسائل المتبادلة عبر هذا الموقع الاجتماعي تزيد عن 400 الف رسالة كل ثلاثة أشهر، لكنها تتجاوز اليوم 5 مليارات رسالة.في حين والى وقت قريب كان عدد من المتابعين يعدون انه موقع تافه. .وعليه لا يمكن بعد هذا وصف وسائل الإعلام الجديدة وسائل للترفيه فحسب، بعد أن أصبحت ميادين لإعداد الانتفاضات الشعبية الهادفة الى تحسين حياة الشعوب. وبالطبع فأن ذلك يعتمد اولا وقبل كل شىء على ارادة ووعي وتصميم الانسان على التغيير المنشود، ومن ثم على الادوات المتاحة امامه، ومنها اليوم وسائل التكنلوجيا الحديثة.
والناشطون اليوم نجحوا بذلك في كسر حالة الحصار الذي فرضته السلطة على الفضائيات والصحف التقليدية، وأمدوا تلك الفضائيات والصحف بمئات اللقطات المصورة والمرئية، كما تستقبل صفحاتهم ملايين الزائرين يوميا. ومن اللافت ان نتائج الثورة في المعلوماتية والاتصال، اتضحت بشكل جلي لاسيما في تأثيرها على الواقع السياسي، في بلدان منطقتنا، مصر وتونس كمثال حي وقريب، حيث أسهمت بدرجة لايستهان بها في اعتماد الشباب عليها كأحد الادوات لاطلاق شرارة التغيير وإسقاط انظمة حكم متمرسة في احكام قبضتها وترسيخ اركان حكمها على مدى ثلاثة عقود. وليس من المستغرب ان نلاحظ اليوم أن بعض البلدان تحاول أن تجد طرقا للحد من تأثير كهذا عبر مبررات مختلفة لما تسميه (تنظيم الفضاء الإلكتروني). ومن هنا ليس غريبا ما ذهب إليه أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، جيفري روزين، أن مستقبل حرية التعبير عن الرأي سيحددها صناع القرار في شركات مثل غوغل، وفيسبوك، وكومكاست، وليس من قبل السياسيين والسلطات القضائية في عدد من دول العالم. ويستشهد روزين على رأيه هذا بعدم قدرة أي أحد على وقف تحميل مقاطع فيديو على اليوتيوب سوى رئيسة مجلس إدارة شركة غوغل نيكول وانغ. وأخيرا ليس غريبا أن يحل الناشطون الجدد بحيويتهم المفعمة بالأمل والمجيدون للغة العصر محل أولئك الذين تسمروا مكانهم وأصروا على إعادة قراءة (الفصل في الملل والنحل) غير مدركين ما جاء به اليوتيوبيون والفيسبوكيون والتويتريون وإخوانهم من أصحاب الفرق الجديدة من إبداعات.
|
|