ثقافة دستورية : معاناة المواطن المعيشية
|
نبيل محسن
للمواطن حقوق دستورية تحققت له، ودون تفعيلها لاقيمة لتلك الحقوق؛ بل لاقيمة للدستور؛ وحينما نقول الحقوق الدستورية، أول ما يتبادر لنا الحقوق السياسية وحق التعبير، فلا قيمة لدستورٍ دون حق التعبير؛ وحق التعبير يعني العمل وفق ديمقراطية، حكم الشعب بالشعب قولا وحقا وصدقا ومشاركته القرار بلا غطاء وتمويه.
أَمَّنَ الدستور للمواطن حقوقا وأَلزَّمَ الدولة العمل بها، فجاء بمواده 29و30و31؛ نصت المادة -30 : اولاًـ تكفل الدولة للفرد وللاسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الاساسية للعيش في حياةٍ حرة كريمةٍ، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم. ثانياًـ تكفل الدولة الضمان الاجتماعي و الصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم، وينظم ذلك بقانون.
ونصت المادة -31: اولاًـ لكل عراقي الحق في الرعاية الصحية، وتعنى الدولة بالصحة العامة، وتكفل وسائل الوقاية والعلاج بإنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية. ثانياًـ للافراد والهيئات إنشاء مستشفيات أو مستوصفات أو دور علاج خاصة و باشراف من الدولة، وينظم ذلك بقانون.
نصوص واضحة وصريحة لحقوق تمس حياة الفرد والعائلة؛ وتؤمن له من ثروته التي يمتلكها بلا منَّةِ من احد .وفي النص تأكيد تشريع للضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين .وثبت له الدستور بالمادة (20): للمواطنين، رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح. وقد إنتخب من ينوب عنه ليشرع له التشريعات ويجب ان لاتكون بعيدةً عن نظره وبدون مشاركته القرار؛ لان المواطن اعرف واحرص واقرب بمعرفة استحقاقاته المعيشية واستحقاقات عائلته وأهمها السكن والعمل ومن ضمنها الراتب يجب ان يحقق له التوازن في اموره المعيشية وتتماشى قيمة الراتب الاسمية والحقيقية لمتطلباته. ومن الامور البديهية حق الناخب قبل المنتخب ،فالناخب حمل المنتخب أمانة القسم أولا وامانة الثروة وامانة التشريع لصيانة الثروة وتنميتها من اجل الناخب. ولا يسوغ له الدستور التجاوزعلى حقوق الناخب وثروته أو يميز نفسه عن احكام القوانين أو يتعسف فيها .
حق امتلاك المواطن للسكن
من الحقوق التي أولاها الدستور اهمية كبيرة، والمعاناة التي يعيشها المواطن وتراكمات عقود طويلة وما يعيشه المواطن من ازماتها الحادة؛ لم تولي السطلتين التشريعية والتنفيذية الامر بالقدر المطلوب؛ فازدادت حدة المعاناة المعيشية للمواطن في تعسف المالك؛ ليس في ايجار الدور فحسب؛ بل اسغل المالك ثغرات قانون تعسفي وأجبر مستأجر المحلات التجارية وحملها فوق طاقتها ومردودها على المستهلك؛ فصاحب المحل يحملها سعر البضاعة وتعود على المواطن؛ وفي مثالٍ تضاعف ايجار بعض المحلات ثلاثة اضعاف في عام واحد واصبح 500الف؛ فيجب النظر لهذا التشرع المتعسف؛ وحل ازمة السكن عموما بتوزيع الاراضي والقروض. فلم نجد في الميزانيات السابقة القدر اللازم لحل مثل هذه الازمة ولا ازمة البطالة ولا ازمة التنمية المستدامة .فليس هناك تخطيط وليس هناك مبادرات سوى تصريحات وتلميحات ووعود انتخابية والمواطن يتضرس جوعا ً.
منظمات المجتمع المدني جانب من الحل
بدون إسهام المجتمع مع السلطة للخروج بالازمات الحادة؛ أزمات المحاصصة وأزمة الديمقراطية وازمة تعسف السلطة في التشريعات الخاصة وضياع حقوق المواطنين وتقديم الخاصة على العامة، أمور لم يعد المواطن يقبل بها ويوما بعد يوم ومع اشتداد ازماته وتعاظمها أصبح لزاما النظر لحلها وتشريعات تؤمن مطلبه. فحينما تخصص المليارات ويخطط على مدى خمس سنوات لمئتي مليار للصناعة والزراعة والكهرباء والنقل، فلماذا ينسى قطاع السكن ومنه يمكن تحقيق مئات الآلاف من فرص العمل اولا؛ وهو اساسا حق دستوري ملزم .
|
|