قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

النظافة وهاجس الأمراض
*ماهر
سألت صاحبي وأنا أقرأ مقالاً عن ضرورة الالتزام بالنظافة والتقيّد بالضوابط الصحية في كل مايتعلق بحياتنا اليومية لتفادي هجوم الجراثيم والفيروسات فتفتك بنا وتطرحنا أرضاً على فراش المرض، فمع كل ما نقرأه ونسمع به، كيف يا ترى كان يعيش آباؤنا وأجدادنا فيما مضى من الزمن، ولم تكن هنالك المنظفات والمعقمات، كما لم تكن هنالك الثلاجة والمجمدة التي تجمّد اللحوم وغير ذلك من الوسائل التي تضمن سلامة الطعام ؟ والسؤال الاكثر دقةً.. كيف كان يعيش الناس في عصر ما قبل الصابون، ولم نسمع لا في التاريخ ولا عبر حكايات الآباء والأجداد عن انتشار الامراض المعدية والقاتلة كما نشهده اليوم؟
كانت إجابة صاحبي مختصرة وبليغة في نفس الوقت، قال: إن السبب ليس في ظواهر الحياة التي تتطور وتتغير مع الزمن، وإنما في تراجع فاعلية جهاز المناعة في جسم الانسان، ففي قديم الزمان كان هذا الجهاز فاعلاً ربما تسعين بالمئة، أما إنسان اليوم فانه قد لايمتلك نسبة ثلاثين بالمئة من فاعلية جهاز المناعة ضد المرض، ومن المضحك المبكي القول أن الانسان فوق كل ذلك عليه أن يواجه شبح الموت بمرض يسمى (نقص المناعة المكتسب)...!
لكن السؤال هو: كيف نكتسب تلك المناعة وبنسبة عالية، كما كان يتمتع بها آباؤنا وأجدادنا؟
إنها أولاً: التغذية.. إذ لم يكن هنالك طعام غير الذي تطبخه النسوة في البيوت، أي لا يوجد شيء يسمى (معلب)، أو حتى محل يطبخ الطعام خارج المنزل، إلا ما ندر أو في مناطق يكثر فيها الزائرون والسياح.
وثانياً: المشاكل النفسية والمنغصّات التي تملأ بيوتنا وأوساطنا الاجتماعية، وهو ما لم يكن له وجود على الأغلب طبعاً، وإن كان فهو بنسب بسيطة، وليس كما نشهده اليوم، حيث صدق قول الشاعر: كل من تلقاه يشكو ألماً.... وقطعاً الألم ليس في البدن وإنما في النفس والروح والوجدان.
ولو أننا بذلنا نصف ما نبذله على صناعة المنظفات والمعقمات والبحوث الطويلة العريضة في مجال الصحة المنزلية والمدرسية والاجتماعية، وأيضاً ما نبذله من أموال طائلة على انتاج المواد الغذائية المعلبة أو المحاصيل الزراعية أو حتى الثروة الحيوانية المنتجة بطرق صناعية، لكنا نعيش بأمان تام من أخطر أنواع الجراثيم والفيروسات، من خلال توفير الخضار والفاكهة واللحوم والبقوليات بالطريقة العضوية وليست الصناعية المتداولة حالياً، والاستخدام الصحيح للمياه واستثماره بالطريقة التي أوصى بها الاسلام، لكنّا وفرنا الجهد العظيم على الأطباء والمستشفيات، وكنا قد خلصنا الأمة والمجتمع من التكاليف الباهضة التي ترهق كاهل الاقتصاد اليوم.