قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

عاهات الساسة وانهيار علاقتهم بالمواطنين
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة قاسم العجرش
توصل الجميع الى محصلة مؤداها: أن التعددية السياسية هي محور هام في العملية الديمقراطية، وأن الحكومة المقبلة يجب ان تشارك فيها جميع المكونات، ولا يمكن ان تشكل مثل هذه الحكومة دون ان يشارك فيها الجميع، والمقصود بالجميع في هذه المرحلةليس المكونات الإجتماعية بل المكونات السياسية : "ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني والقائمة العراقية وائتلاف الكتل الكردستانية". لأن مشاركة الجميع أمر حيوي في هذه المرحلة من البناء الوطني، ليس بدواعي الحصول الى المكاسب السياسية، وإن كان هذا مشروعا في بعض جوانبه، ولكن لكي يكون للجميع دور فاعل وليس إطار ديكوري.. لأن المرحلة التي يستثنى فيها مكون من مكونات شعبنا يمكن أن توصف بأنها مرحلة عرجاء..
وتوصلوا أيضا الى نتيجتين فرعيتين أخرتين، الأولى هي أن عملية البناء السياسي بعيد التغيير النيساني الكبير في عام 2003 إنطوت على أخطاء مؤسسية لا يمكن إلا العمل على إصلاحها في هذه المرحلة بالذات، لأن بقاءها يرسخ تلك الأخطاء ويحولها الى تقاليد بفعل التقادم ومن بينها مسألة الصلاحيات ومسألة كيفية إختيار رئيس الوزراء، وفي النقطة الأخيرة سيتكرر المشهد ذاته الذي شهدناه عام 2005 وهذا العام بعد أربعة أعوام مالم يصار إلى إيجاد وسيلة أسهل لإختيار رئيس الوزراء..أما النتيجة الفرعية الثانية فهي أنه وبالرغم من الزيارات التي قام بها أغلب ممثلي الكتل السياسية أو قادتها الى دول الجوار والى دول لها تأثيرها أو لنقل لها مصالحها في العراق، إلا أن الجميع باتوا مقتنعين بأن حل ازمة تشكيل الحكومة لن يكون إلا حلا داخليا، ومن دون اللجوء الى تدخلات خارجية لانها شان عراقي بحت. مع الأخذ بعين الإعتبار المشورة والاستشارة النزيهتين من الدول الاقليمية والتي لديها تاثير على الواقع العراقي على ان يكون هذا التاثير ايجابيا.
ولعلنا في كبد الحقيقة إذا إتفقنا أن هناك حزمة من الأسباب أدت الى تعقيد المشهد السياسي والوصول الى الحال الراهنة الخارجة عن المألوف..فلقد جرى تمييع التعددية الحزبية والسياسية بشكل عبثي، وتحولت السياسة الى طموحات إنتهازية لفئات تراهن على توظيف مستقبلنا لخدمة أغراضها الذاتية والفئوية، وجرى تكريس العبث بالثوابت الوطنية ومنها الدستور، في ظاهرة خلط للأوراق وإستهتار فج، وتراجع دور النخب المنتجة للأفكار لصالح أنصاف المتعلمين، مما ولد ضعف المبادرة السياسية وإنغلاق المتصدين للعمل السياسي على أنفسهم، وجرى عمل ممنهج لهدم القيم الوطنية والأخلاقية لصالح الفاسدين والمفسدين مما نتج إنحطاط في الخطاب السياسي وتهتك الممارسة السياسية، وتفاقمت ظاهرة الترحال السياسي بين الأحزاب والقوى السياسية، تلك الظاهرة التي تمرس عليها الإنتهازيون، دون تقيد بأي التزام فكري أو أيدجولوجي أو أخلاقي، وخلال هذا كله لم يتم التجاوب مع رغائب المواطنين، وسرعان ما جرى التنصل من الوعود التي قطعت لهم في الحملات الإنتخابية، ورافق ذلك عدم إحترام الساسة لمسؤولياتهم في المؤسسات الحكومية التي يعملون فيها حيث حولوها الى بساتين خاصة قطافها للأهل والأحباب وحسب!
إن هذه الأسباب الستة هي المسؤولة مع كم آخر من العوامل الفرعية عن "العاهات" السياسية التي إستحكمت في واقعنا، الى حد بات فيه الكثيرين يفكرون برفض العمل السياسي ورفض مخرجاته، وعذرهم أن تلك المخرجات بائسة أو غير ذات قيمة، كما أن المنتج على الأرض في قطاعات الأمن والخدمات والأقتصاد والبنى التحتية والعلاقات الخارجية والبناء الوطني، لا تتناسب مع ما قدمه شعبنا للطبقة السياسية من إمتيازات ..ويوما بعد يوم تتعمق الهوة بين السياسيين وبين الشعب، وكل يوم يمر دون أن تحل العقد المستعصية، ودون أن يشاهد المواطنين ضوءا في نهاية النفق، يعد يوما تراجعيا .. ومن المفيد التذكير بأن شعبنا ينظر الى كل الطبقة السياسية على أنها "حكومة"، وهو محق في ذلك لأن لجميع القوى السياسية مواطئ أقدام في السلطة، وبعضهم فيها وضدها ! لقد إنهارت العلاقة بين المواطن وكثير من القوى السياسية، وربما بات تجسير العلاقة المنهارة صعباً جدا..