دورات المستقبل الواعد .. لبناء الوطن
|
زاهر الزبيدي
العراق، بلد شاب أي أن الشباب فيه يمثلون النسبة الأكبر من أعمار السكان وسيثبت ذلك الإحصاء السكاني المقبل، والعراق مقبل بتسارع ملحوظ نحو إصلاح وإعادة البنية التحتية مهما كان توجه الحكومة التي سيتم تشكيلها في الفترة القادمة والمجهول توقيتها على أدهى المؤرخين في العالم !؟ ..
العراق يعاني من البطالة لأسباب عدة لسنا في صدد حصرها فهي كثيرة أهمها بالنسبة لنا هو عدم وجود حرفة لدى الكثير من الشباب العاطلين ونقصد هنا بالحرفة أن تكون متكاملة وعلمية لاتشوبها شائبة، والحرفة أو (الصنعة) هي من تدفع الشباب الى الإنطلاق نحو ساحات العمل إذاما تمكنت الحكومة بخططها، البعيدة المدى، والناجحة من توفير مساحات مختلفة لهذا الإستقطاب. المقصود بالحرفة هنا على سبيل المثال لا الحصر .. التأسيسات الكهربائية المنزلية وغيرها، البناء بمختلف مراحله، الصيانة الكهربائية والألكترونية والميكانيكية، الطبية في مجال التمريض والعمليات البسيطة والحرف الأخرى البسيطة كالخياطة والحلاقة .. الخ .وكل شيء مدروس تقوم به الحكومة تجاه الشباب وتتحمل أعباءه المادية والإدارية سيكون له فائدة كبيرة جداً في المراحل المقبلة من فترات حكمها وسيوفر لها مبالغ أكثر من تلك التي أنفقتها، فنحن بحاجة الى أصحاب الحرف من العمال الماهرين ليتحملوا مسؤولية البناء الصحيح .. لذلك فإن القيام بمشروع كبير وموسع لتدريب الشباب وفق رؤية واقعية لإمكاناتهم سيوفر لدينا كوادر مهمة ماهرة .
نقترح أن تقوم الوزارة المعنية بفتح دورات أمدها ستة أشهر، أو أقل، لتدريب الشباب في المجالات آنفة الذكر على أن يتم تنظيم تلك الدورات من قبل مختصين في المجالات العملية والأدارية مع التنويع في إقامتها في مناطق مختلفة من محافظة بغداد أو المحافظات الأخرى ليتسنى لجميع الشباب الإلتحاق بها بسهولة مع تقديم دعم مادي لهم من خلال تخصيص مبلغ معين للمشاركين كراتب شهري لغرض زيادة التحفيز مع تعيين العشرة الأوائل المتفوقين، في الاختبارات النهائية (النظرية والعملية )، من كل مركز تدريبي في دوائر الدولة والإبقاء على البقية كاحتياط لحين المباشرة بالعمل في خطة الحكومة الخمسية .. وإصدار شهادة، معترف بها، تؤيد مشاركة الشباب في هذه الدورات ودرجته النهائية وتأييد أهليته للعمل في الإختصاص الذي شارع فيه .
على تلك الدورات أن تكون بفترات يومية مستمرة ولمدة طويلة نستقطب فيها الكثير من الخبرات والمدرسين الصناعيين وبجداول يومية منتظمة ومنضبطة ونشدد هنا على الإنضباط وعدم التسيب .. فنحن من خلال دوراتنا تلك نبث فيهم روح الالتزام وأسس التربية الحديثة كما أن تلك الدورات إذا ما نجحت فسنكون قد انتشلنا الكثير من الشباب الضائع في الشوارع بلا هدف وسيكونون في مرمى خططنا التنموية وتحت أنظارنا التي تهدف الى مصلحتهم بالدرجة الأساس .. علينا أن نصنع لهم هدفاً يرمون إليه بمستقبلهم وأن نشيع فيهم روح الوطنية وحب الوطن وحب العمل لأنهم إذاما أحبوا العمل أقبلوا عليه بجد .
لنحاول أن نبث فيهم روح الشباب والفتوة وندفعهم إلى المستقبل الذي طالما أصبح مجهولاً بالنسبة لهم فأغلبهم أضاع الطريق وسط هذا الكم الهائل من المؤثرات الخارجية والداخلية والإشاعات التي بدأت تنهش بجسد العراق والعتمة البالغة عن مستقبله، ففي الشارع، مسرح الضياع، إذا ماتوجهت الى أحد الشاب من أولئك الذين يجلسون على مقاه النركيلة وغيرها وتسأله عن عمله يخبرك أي العمل وأنا ليست لدي صنعه ؟. كل شيء فعله (الكبار) وقع في شركه العراقيون (الشباب) والقصد هنا أن كل حالة فساد أعلنت أو لم تعلن والوضع الأمني المرتبك ووضع تشكيل الحكومة وهروب الكثير ممن أختلسوا وبددوا أموال الشعب ومن باعوا ضمائرهم والكروش التي أنتفخت سحتاً، أثر على نفسية الشباب في رؤيتهم لمستقبلهم ..
أيها الأخوة أننا نفقدهم .. وفقدانهم مصيبة كبرى لايحمد عقباها .. فالعراق بحاجة لشبابه الآن أكثر من سياسييه وقادته وما نفع السياسيين والقادة بلا شباب واع ملتزم محب للعمل يحمل رسالة البناء والتعمير وعلى أكتافه تبنى المشاريع وتعمر المصانع وتدام الحركة العمرانية والزراعية في الوطن وما نفع الخطط التي تضعها الكتل السياسية بلا منفذ واع ملتزم محترف. ولا ننسى دور منظمات المجتمع المدني في إدامة زخم تلك الدورات والتدخل في وضع واستقطاب منفذيها ولاننسى دور الأسر العراقية الكريمة في دفع أبنائها للإنظمام الى "دورات المستقبل .. لبناء الوطن " إنها فرصتنا وقد تكون الأخيرة بعد سبع سنوات مضمخة بدمهم بدلاً من عرقهم لبناء الوطن .
إنهم أمانة وأمانة عظيمة مثل كل شرائح الشعب العراقي وفي نظرنا أنهم الأهم في تلك المرحلة أن تكون مرحلة الإعداد والبناء الحقيقية لهم نفسياً وعقائدياً وعلمياً بعدما انسلوا بعيداً عن مقاعد الدراسة لأسباب جميعنا مدركاً لها ولواقعيتها في المجتمع العراقي .. فهم، الشباب .. فلا زالت فيهم تنموا بذرة الغيرة والنخوة والأخلاق الحميدة وليست بحاجة إلا لقليل من الاهتمام والدعم ولقائد ما يشعرهم بحق بأهميتهم في بناء وطنهم ليعيد إليهم الأمل بالوطن وقادته والمستقبل الذي أضحى بلا رؤيا بالنسبة لهم .
|
|