(من الهدى)
معاً.. ضد العنف الأسري
|
*المحرر الثقافي
مما يبعث على التفاؤل في تحقيق النضوج الاجتماعي، تحول النصيحة و الارشاد الديني والوعظ وغيره فيما يتعلق بممارسة جريمة العنف ضد المرأة، من أجواء الحوزات العلمية والمحاضرات وأيضاً دفات الكتب والمطبوعات وباقي وسائل الاعلام، الى حيّز التنفيذ على صعيد الواقع بفضل ساعد الحكومة المنتخبة جماهيرياً وقوة القانون، وقد أوصانا أمير المؤمنين قبل حوالي أربعة عشر قرناً أن نعضد القوة والحزم لتطبيق الأحكام والتشريعات التي جاءت بالأساس لتنظيم حياة الانسان، وحسناً فعلت وزارة الدولة لشؤون المرأة بإطلاق حملة لمكافحة العنف الأسري في العراق، ونعتقد جزماً أن صون كرامة الأم والبنت والأخت والزوجة داخل البيت، يُعد من شروط سلامة المجتمع ثم تقدمه وتطوره، ونحن نلتقي عند هذه النقطة مع المسؤولين والقائمين على هذا المشروع في الوزارة، وكما يظهر من أحاديث الندوات والمؤتمرات و ورشات العمل، فإن ثمة حرصاً كبيراً على ألّا يشهد العراق جيلاً مشبعاً بالضرب والإذلال والإهانة والتحقير، إنما يكون محمولاً على الثقافة والوعي والكرامة الانسانية.
لكن يبقى السؤال عن الوسيلة والسبيل الى ذلك...
القضية ببساطة، أننا نعيش في مجتمع معروف بتقاليده وأعرافه وهي خليط من الموروث الاجتماعي الضارب في القدم، وبعض التعاليم والقيم الدينية، وما يتم تسليط الضوء عليه حالياً هو النتيجة والمآل الأخير مع غضّ النظر عن الاسباب والعلل، فالتعاليم الدينية التي تفرض ارتداء المرأة للحجاب و يوصي به رجل العشيرة بشدة، هي نفسها تجعل المرأة بموازاة الرجل في الحقوق والواجبات سوى بعض الاستثناءات مثل الارث وقضايا الزواج وبعض المسائل العبادية، وهي كلها – كما ثبت علمياً- في صالح المرأة، لذا نعتقد من الصعب على غير العراقي كأن يكون خبيراً في الأمم المتحدة أو في أية منظمة ومؤسسة دولية أخرى، أن يميز بين الغثّ والسمين، أو يقرأ بين ما يمتّ الى الاسلام بصلة، او ما يعود الى الاعراف والتقاليد الجاهلية.
واذا كانت وزارة الدولة لشؤون المرأة قريبة من صندوق الأمم المتحدة للسكان ومن سائر المنظمات الاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، فان الأجدر أن تكون كذلك مع مؤسسات داخل العراق ذات السعة في الاطلاع والعلوم المستفيضة للمساعدة في حلّ معضلة العنف الأسري بكل سهولة، فابواب الحوزات العلمية والمؤسسات الثقافية والاعلامية مفتوحة، كما الطريق الى خطباء المنبر واساتذة الجامعات سالكاً، فيمكن الاستفادة من كنوز التجارب التاريخية الغنية بكلفة أقل واختزال كبير في الوقت.
|
|