المقال الافتتاحي
الشعر والهدف
|
محمد طاهر محمد
كثيراً ما يتبادر السؤال في خضم اجتياح فوضوي فرض ليكون شعراً وهو هل أن القصيدة أو (النص النثري) هو عالم عجزت قدراتنا الذهنية عن استيعابه وهو مملكة مسوّرة لا يسمح لأحد الولوج إليها سوى من إصطفاه هذا العالم الهجين ؟؟ قبل أن نجزم بالجواب نترك الحكم العادل والقول الفاصل لاعتبارات نقدية يتضح من خلالها الجواب جلياً إذا أخذ الناقد بنظر الاعتبار.
بما أن القصيدة لا بد أن تكون حدثاً من الزمان ذا أثر تاريخي أو حاضر فأنها لا تخلو من معنى وهذا المعنى يجب أن يثبت ويوضح حتى وأن لجأ الشاعر الى الرمزية أو ابتعد في شعره بالرومانتيكية المحلّقة فإنه لابد أن يدخل ضمن الأجواء النقدية ويحط في مطار النقد.
فعلى الناقد أن يقرأ النص قراءة دقيقة ليعرف ماذا أراد الشاعر ويتوصل الى ما يرمي إليه وتمييز الغث من السمين بالكشف عن العلاقة بين الكلمات والصور وما هو موقف الشاعر تجاه موضوعه كما على الناقد أن ينبذ الخليط غير المتجانس من الكلمات التافهة والصور المهشمة يتساءل مع نفسه: (ماذا يمكن أن يخبرني هذا الشيء وعما يريد أن يقول الشاعر وعما يقصده) ويمكنني أن أسأل أي ناقد ماذا أراد أحد الشعراء بقوله: (عند لهاثك..، تنفّست جوارب الضياء)!! فإذا كان جوابه بأنه لم يفهم المقصود فأنا أيضاً لم أفهم و لا أظن أن الشاعر نفسه يفهم ما يقوله عندما ربط بين كلمتين لا يمكن أن يكون رابط بينهما سوى في هذيانه وقد خلت من أي محتوى كما لم تشكل أي استجابة لدى المتلقي وفي هذه الحالة يجب أن يكون الناقد يقظاً من هذه المحاولات التي تحاول أن تتستر برداء الشعر وعليه إبعادها عن ساحته.
إن الشاعر الحقيقي يصبّ اهتمامه على المحتوى بقدر ما يصب من اهتمامه على الإسلوب فجوهر الشعر هو الكتابة الهادفة التي تظهر في تسلسل وترابط عضويين وحركة تشير بإتجاه هدف الشاعر وإن المعنى والاستجابة هما عنصران مهمان في تحديد الهدف.
|
|