إذا فسد الملح ! ؟
|
تيسير عبدالعزيز
قديماً وقبل استيراد الثلاجات، كان الناس يحفظون اللحم والسمك عن طريق التمليح، فماذا نفعل إذا الملح فسد؟!.
المؤسسات التي يفترض أنها تراقب وتحاسب تجاوزات الآخرين هي من نعتمد عليها في حفظ مستقبل الوطن وثروته، ولابد أن تكون خالية من العيوب والثغرات. لذلك لابد من تعديل أي قانون لا يؤدي الغرض المطلوب بمكافحة الفساد، وسد أي ثغرة من خلالها التجاوزات والمخالفات، ثم اختيار أكفأ المرشحين وأفضلهم، وتحت شروط مشددة لعضويتها، حتى نصل إلى الهدف المنشود بالإصلاح والبناء والتنمية.
ولكن ما يحصل اليوم أن هذه المؤسسات كالبرلمان وهيئات ولجان الرقابة والنزاهة، تعجز عن الوصول إلى نتائج مهمة وحاسمة ورادعة في محاربة آفة الفساد ، لعدة اسباب ، منها ماهو سياسي حيث الافلات من العقاب والمحاسبة والتغطية على الفساد والمفسدين، غالبا مايتم او يجد له غطاءا سياسيا! .
هذا فضلا عن اسباب اخرى، مثل وجود العديد من الثغرات القانونية، وممارسة سياسة الضغوط والتدخل المباشر او غير المباشر للتأثير في في عمل القضاء، والمحاصصات السياسية في الدولة، والاعتماد على المحسوبيات والحزبيات في التعيين في الوظائف المهمة فضلا عن تلك الصغيرة، وعدم اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في ذلك، مع عدم اغفال أن الناس يسهمون ايضا، و اكثرهم من دون قصد ومعرفة، في وصول من لايحمل الصفات المطلوبة من النزاهة والاخلاص والكفاءة الى مناصب ومسؤوليات ليسوا بإهل لها، او يقعون تحت تأثير ما يحيط بها من مميزات ومحفزات قد لا يتمكن من مقاومتها، بسبب ذلك وغيره ، نرى عدم تسجيل تقدم واضح ومشجع في محاربة الفساد،حتى وصل بنا الحال الى درجة أن شكوك الناس لم تعد تستثني في تساؤلاتها عن إمكانية تسرب الفساد، حتى إلى المؤسسات الرقابية والتشريعية والمحاسبية ، مستذكرين ايام زمان وقبل استيراد الثلاجات ! ومتسائلين كيف يتم حفظ اللحم والسمك من التعفن اذا ماوصل الفساد الى الملح ؟!.
رغم كل ذلك، يجب أن لا نيأس، ونأمل، و نثق بوجود الكثير من الرجال الصالحين في السلطات الثلاث، وبنواياهم الخيرة، وجهودهم من اجل خدمة الناس وتحقيق طموحاتهم في بناء بلد ينعم شعبه بالأمن والتقدم، وعلى المواطن الصالح أيضا أن يكتشف هؤلاء ويدعمهم ويتواصل معهم، بقدر ضرورة تحمل مسؤولياته أيضا في ممارسة دور الرقابة والمتابعة لكشف الفساد واستغلال النفوذ والسلطة، والتعبير عن عدم قبوله بذلك بالطرق الحضارية والسلمية المتاحة، وعلى رأسها سلاح النصح والكلمة الطيبة، كما هو ايضا دور الاعلام والاقلام المخلصة لشعبها وبلدها، وهكذا ايضا علينا أن نثق بقدرة الأجيال الصاعدة من ابناء هذا الشعب على بناء الغد الأفضل ، مثلما ندعو ونأمل من الحكومة والبرلمان وسائر المخلصين والاكفاء في الحكومات المحلية في المحافظات ومجالسها، أن تسرع تحارب الفساد بجدية ودون محاباة، وتسرّع في إنجاز المشاريع والأعمال، وتستفيد مما مرّ علينا من تحديات وعقبات، وبذلك فقط سيستمر الأمل والعمل، وستؤثر على مواطن الخلل، من أجل حياة كريمة عزيزة للعباد والبلاد .
|
|