قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

لا نستصغر أنفسنا أمام الآخرين
* المحرر الثقافي
الأمل بالفرج والنجاة والثقة العالية بالتغيير وصنع الأفضل، من أهم عوامل تقدم الأمم والشعوب في العالم رغم ما تحمله من ظواهر وعادات وصفات اجتماعية معينة، فهي قبل أن تفكر بسلبيتها، تحاول توظيفها لدفع عجلة التقدم الى الامام، لنأخذ الألمان واليابانيين مثالاً بارزاً لشعبين خاضا حروباً عالمية مدمرة حرقت الحرث والنسل، وشهدا ظروفاً اجتماعية ومعيشية رهيبة بعد الحرب لايمكن مقارنتها باوضاعنا في العراق بأي شكل من الاشكال، أما السبب في سقوط اليابانيين والألمان في مستنقع الحروب العبثية، فهي النزعة العنصرية وتفضيل الجنس الآري – في المانيا- و كون الدم الياباني من أنقى الدماء في العالم – كما يقولون- لكن هل تحولت هذه النزعة الى عقدة للحقارة والتخلف والبؤس؟ وهل تحدث أحدهم في اليابان أو في المانيا، باننا (مجرمون) أو (قتلة) أو (لصوص)؟ وهم كذلك حقاً في حالات عديدة، فخلال الحرب العالمية الثانية قامت القوات اليابانية والالمانية بافعال مشينة خلال احتلالها مدن وبلاد عديدة في العالم.
لذا عندما يخطر على بالنا العمران والتطور والرخاء، لا نرى الطباع السلبية للمجتمع الياباني أو الالماني أو غيره، انما نرى الشوارع الجميلة والخدمات المتوفرة والتقدم التقني و... غير ذلك، فكما ان الذي يعيش داخل العراق هو انسان، فان الذي يعيش خارج العراق انسان أيضاً له نوازع وغرائز وطباع نفسية، فهناك المعتد بنفسه، وهناك الميّال الى الجنس، وهناك الميّال الى المال وهكذا، أما عندنا في العراق، فيبدو ثمة توجه او اتفاق غير مكتوب، باننا يجب أن نصل مرحلة الكمال في الاخلاق والسلوك الاجتماعي حتى نرى النظام في الشارع والرخاء والنعيم، وإلا فلا، في حين يجب علينا النظر الى نصف الكوب الآخر – كما يُقال- وننظر عن النقاط البيضاء قبل السوداء، فأقل ما نقوله في هذا الصدد ان مجتمعنا يمتلك شهامة وصبر الرجل وتجلّده في الصعاب والشدائد، كما يمتلك صبر المرأة العراقية واهتمامها بمنزلها وأطفالها، وهي صفات وخصال قلّما نشاهدها في مجتمعات أخرى، اذا لم نقل اننا نشاهد العكس تماماً في العديد من المجتمعات. وهذا بحد ذاته يشكل جزءاً من أرضية الانطلاق نحو التغيير والتقدم ليس على الصعيد المادي وحسب، بل والمعنوي والاخلاقي أيضاً، فنحن مجتمع محافظ ومحب للتديّن وندين بالولاء لأهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونتفانى في حبهم، فما المانع في أن يتزامن تقويم السلوك الاخلاقي وتكريس الثقافة الدينية مع تطوير الاوضاع الاقتصادية بل وحتى السياسية في العراق. أما آن الآوان أن نستفيد من أحاديث أمير المؤمنين والأئمة الهداة في الحثّ على العمل والتطوير ونبذ اليأس والاحباط؟
أنصح أخواني بأن يعلقوا على جدران محالهم التجارية ومنازلهم أحاديث من قبيل: (اعط من شئت تكن أميره واستغن عمن شئت تكن نظيره واحتج الى من شئت تكن أسيره).