الاخوة الاسلامية مبدأ ايماني. . فهل نأخذ به؟
|
*طاهر القزويني
من يلاحظ امر الدنيا يستغرب حالنا وحالها فنحن نقرأ في كتاب الله وفي السنة الشريفة كيف تكون علاقة المسلمين او المؤمنين فيما بينهم لكننا عندما نطل على الواقع نجد العجب العجاب، فهناك فاصلة شاسعة بين مانقرأه وبين الواقع الحالي.
تعالوا لندخل الى عمق الآيات والاحاديث الشريفة ونرى ماذا تحدثنا تلك الآيات عن الاخوة الدينية والانسانية فالقرآن الكريم يقول: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون" (الحجرات/ 10). فالمؤمن الذي يعيش في افريقيا هو اخ للمؤمن الذي يعيش في آسيا أو اوروبا او غيرها، وهذا هو كلام الله، لكن السؤال هل نجد لهذا المفهوم أثراً في الواقع الخارجي؟
المصيبة انه ليس فقط المؤمنون في الشرق لا يشعرون بالاخوة اتجاه المؤمنين في الغرب بل قد لا يشعر بها ابناء البلد الاسلامي الواحد وهذا بحق بحاجة الى دراسة عميقة تقودنا الى اسباب ذلك والعوامل التي ادت الى تمزق المسلمين وانكسار العلاقة فيما بينهم.
وربما يظن البعض ان المشكلة منحصرة على مستوى المذاهب الاسلامية وهو تفسير قاصر لاننا لاحظنا ان الاخوة الذين يتبعون مذهباً واحداً هم ايضاً يتقاتلون فيما بينهم.
لاشك ان هناك عوامل جوهرية ادت بالمسلمين الى هذا الوضع الذي نشاهده، حيث المسلم يقتل اخوة المسلم بدم بارد، فهناك عوامل سياسية وأخرى تاريخية واخرى عقائدية واخرى ثقافية.
ان ما يسود بين المسلمين من علاقات هشّة نابع من تناقضه مع جوهر الاسلام ولو فكرنا في الامر بشكل عقلاني سوف نجد ان كل ديانة لا تسمح ولاتجيز لافرادها الانفكاك من اللحمة الواحدة التي تخلقها بين الافراد، ونلاحظ في القرآن الكريم ان تأليف قلوب المؤمنين مهمة صعبة لايقوم بها الا الله سبحانه لذلك يقول عزوجل "لو انفقت ما في الارض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم" يعني ان جميع العوامل السياسية والاقتصادية هي عاجزة عن تأليف القلوب بين هؤلاء المسلمين وربما نستطيع ان ندرك هذه الحقيقة اكثر فأكثر من خلال الاطلاع على حال الاحزاب السياسية التي عادة ما تتعرض للتفكك والانشقاق لان الذي يجمعهم هو المصالح الاقتصادية والسياسية وهذه الامور يحدث فيها النزاع، بينما المسائل الفكرية والثقافية حتى وان حدث الاختلاف بشأنها فانه يمكن الدخول في حوار بشأنها من اجل التوصل الى تفاهمات مشتركة.
فالذي يؤلف القلوب هو الله سبحانه وتعالى واذا حدث خلاف لابد ان نفهم ان منبعه الشيطان وهذه المسالة ليست نظرية وانما نجد مؤشراتها في مواضع مختلفة من القرآن الكريم حيث نقرأ "ان الشيطان ينزغ بينهم" فما من خلاف يحدث بين المؤمنين او المسلمين او حتى بين الاخوان وبين افراد الحزب والتنظيم الواحد منبعه هو الشيطان الرجيم.
نقول هذا حتى نعرف القرار الصائب الذي يجب ان نتخذه في حالة حصول الخلاف بين المجموعات التي ذكرناها، ففي المرتبة الاولى يجب ان يكون موقفنا هو الحياد الايجابي بمعنى ان لاندعم طرف ضد آخر بل ونحاول ان نبذل المساعي الجادة في سبيل تحقيق نوع من التفاهم فيما بين المختلفين.
فليس من المعقول ان تشاهد المسلمين يتقاتلون وانت تنظر وترقب ما يحصل لهم دون ان تحرك ساكناً، فالشيطان واعوانه يتحركون ويعملون ليل نهار من اجل تحقيق مبتغاهم وهو ايجاد التفرقة بين المسلمين واذا مكث الصالحون في بيوتهم بلاشك فان خطط الشيطان واتباعه ستنجح كما لاحظنا ذلك قبل عامين.
واذا اردنا ان نعرف اننا على طريق الله ام لا؛ نلاحظ انفسنا هل نعمل في اطار مايريده الله وهو تأليف القلوب بين المسلمين ام لا؟ ولاشك ان الذي يسير في هذا الدرب يمضي بالدرب الصعب لكن هذا هو الطريق الذي يريده الله. فمن المهم ان نعرف ان واحدة من مصارف الخمس هي المؤلفة قلوبهم، ومعنى ذلك ان العلماء كانوا يخصصون اموالاً لاشخاص هم مختلفين معنا، مرة بالمذهب ومرة بالدين وذلك فقط من أجل كسب ودهم وتأليف قلوبهم.
وفي هذه الايام التي نعيش فيها وهي ايام فتنة وبلاء يجب ان لانسمح للشيطان بأن يتلاعب بمقدراتنا ويسوقنا كالأغنام الى حيث المسلم يقتل اخاه المسلم، إذن، تعالوا لنقلب صفحات التاريخ وننظر كيف عالج رسول الله مشكلة الاختلاف بين المسلمين؟
وفي حادثة تاريخية كبرى تمكن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يؤاخي بين المسلمين ونتساءل ألم يكونوا مختلفين في الافكار وفي مستوى الايمان والقرب من رسول الله؟
بالطبع كانت بينهم اختلافات لكن النبي الاعظم (ص) آخى بينهم وكان هذا المبدأ الاساسي الذي حكم علاقاتهم الاجتماعية والايمانية وهو عندما آخى بينهم في ذلك الموقف معنى ذلك ان المؤاخات بين المسلمين مستمرة الى يوم القيامة. لذا يجب ان لانسمح للسياسة ان تفرق ماجمعه النبي الاعظم وان لانسمح للمصالح والانانيات ان تمزق المسلمين لان الذي وحدهم هو اعظم من الذي يفرقهم.
1
|
|