اكد أن العراق لن يقاد بجماعة او فئة واحدة ودعا الساسة الى الكف عن الصراع
المرجع المُدرّسي: إحتكموا لنداء الضمير والشعب والدين و الدستور وشكّلوا حكومة الشراكة والتعايش
|
بناء الدولة ليس مسؤولية السياسيين فقط وعلى الشعب أن يعبّر عن مسؤوليته ويقول كلمته
الهدى/ علي التميمي:
أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي"دام ظله" على أن شهر رمضان الفضيل يجب أن يكون دافعا و منطلقا قويا لمسيرة الاصلاح والتزكية والتطهير والبناء على مستوى الفرد والتجمعات والمؤسسات ومن ثم الدولة. وفي كلمة متلفزة بارك فيها لابناء الشعب العراقي والمؤمنين في كل مكان قدوم شهر رمضان المبارك، قال سماحته " تعالوا ونحن في رحاب هذا الشهر الكريم نتدارس معا كيف نحوّل هذا الشهر ميلاداً جديداً للأمّة، بل ولادة جديدة لكلّ واحد منّا". واكد أن ذلك يبدأ بـ" الاصلاح على ثلاثة مستويات أساسيّة لابدّ أن نطويها لكي نحصل على بناء شخصية الأمّة:الأوّل بناء الإنسان، والإصلاح الأخلاقي على المستوى الفردي، ومن ثمّ بناء التجمّعات والمؤسسات، فبناء الدولة و الأمّة، وشهر رمضان هو شهر بناء الأمّة على هذه المستويات الثلاثة، ونحن يجب أن نسعى من أجل استنطاق القرآن الكريم والاستفادة من آياته الهادية والمرشدة لكي نبدأ بصنع أو لا أقل لترميم هذه الأمّة وإصلاح ما فيها".
وحول تطورات الاوضاع في البلاد، قال سماحته في جانب من حديثه: " ونحن في رحاب شهر رمضان، وبالذات في العراق نعيش أزمة، هي أزمة تشكيل الحكومة، وكنّا نرغب ونتمنّى لو أنّ إخواننا السياسيين في العراق قد استمعوا إلى نداء الضمير ونداء الأمة ونداء الدين، واجتمعوا مع بعضهم وشكّلوا دولة التعايش ودولة الشراكة الوطنية". وتابع سماحته بالقول :" إخوتي، أن العراق لا يمكن أن يقاد بجهة واحدة أو حزب واحد أو تجمّع واحد، هذا انتهى، قلنا ذلك سابقاً ونقوله لاحقاً، وستثبت الأحداث اللاحقة هذه الحقيقة، لذلك كفى هذا الصراع، كفى هذا التحدي لبعضنا البعض". واضاف :" لدينا دستور، فإذا كان هذا الدستور لا يوحّدنا فما فائدته، أن أهم فائدة لأي دستور، لأي بلد، هو أن يكون هذا الدستور مرجعاً لإختلافات هؤلاء الناس، فإذا كان الدستور ـ ونحن في بدايات الطريق ـ لا يمكنه أن يحل مشاكلنا، ولابدّ أن يأتي شخص من وراء الحدود ويحاول أن يجمعنا، أو يوصينا أن نجتمع، كما طالب مجلس الأمن أخيراً، فهذا يعني في الحقيقة دليلاً على أمرين، إمّا أنّ هذا الدستور لا يكفي ولابدّ أن نغيّره، وإمّا أننا لم نرد ولا نريد أن نطبق الدستور..". وتابع سماحته :" حينما أنت لا تطبّق الدستور اليوم، فغداً غيرك أيضاً لا يطبّقه. اليوم قد تكون أنت تشعر أن مصلحتك هي في عدم تطبيقك له، لكن ليس الأمر كذلك أبداً، وحتى لو كانت مصلحتك الآن ليست مع تطبيق الدستور فتعال وتنازل عنها قليلا، لأنّ غداً ستكون مصلحتك في تطبيق الدستور، " وأنا حينما أتحدّث عن الدستور قلت واقول أنّه في الحقيقة ليس ذلك الأمر المثالي، لابدّ أن نغيّره كلّ عشرة سنوات مثلا لابدّ أن تكون هناك تبصرة على الدستور، لأنّ هذا الدستور ليس كلام الله، إنما هو وضع البشر ولابدّ أن نسعى من أجل إصلاحه بين فترة وأخرى، ولكن الآن لابدّ أن نجعله مرجعاً لحلّ خلافاتنا، ونبني العراق على أساس المشاركة الوطنيّة". وتابع أن "هناك أكثر من طريق للخروج من هذه الأزمة، وقد بيّنا هذا لإخواننا السياسيين، و أرجو أن تكون هذه الطرق أو غيرها وسيلة يتخذونها ويتفقون عليها للخروج من الأزمة.."، وقال سماحته أن السؤال المطروح هو: هل أنّ السياسيين وحدهم يتحمّلون مسؤولية بناء الدولة؟"، وأضاف : " كلاّ، المجتمع كلّه مسؤول، ولكن كيف يمكن أن يعبّر عن مسؤوليته؟ هذا أمر آخر، فلابدّ أن نسعى جميعاً من أجل إقناع السياسيين وهم من هذه الأمّة ومن هذا البلد، وكثير منهم كانوا مناضلين، مجاهدين، عاملين في الساحة، وكثير منهم من سلالة الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم ودمائهم من أجل هذا البلد، لكن النصيحة واجبة، لابدّ أن ننصحهم، لابدّ أن يخرج الناس عن صمتهم ويقولوا كلمتهم الطيبة، لعلّ الله سبحانه وتعالى يجعل في هذه الكلمة الطيبة الأثر الأخير لتلاحم الإخوة، ومن ثمّ بناء الدولة".
وبشأن بناء المؤسسات والتجمّعات ودورها في مسيرة الاصلاح، أوضح سماحته أنه " لا يكفي أن يكون الإنسان مؤمناً ويعتزل الناس ويجلس في زاوية البيت أو المسجد أو ما أشبه. . فلابدّ أن تكون عضواً صالحاً في المجتمع، ولابدّ أن تتعاطى معه ولكن اسعَ لكي يكون تعاطيك إيجابيّاً". موضحا ان هذا التعاطي يكون من خلال اداء خمسة واجبات، هي : "أوّلاً، التواصي، فهو من أبرز صفات المؤمنين، فيوصي أحدهم الآخر بالخير والمعروف والكلمة الطيبة، فليدعُ كل واحد منا الناس إلى الائتلاف، إلى الوحدة، إلى العمل الصالح، إلى الإحسان للآخرين، وحذار من أن تدخل في بث الثقافة السلبية في المجتمع.. " ثم نقوم ثانيا بواجب " التشاور، لكي يعيش المجتمع التكامل، ثم واجب آخر مطلوب من الفرد إلى المجتمع، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، والواجب الرابع التعاون، والخامس الإحسان". واشار الى أن القيام بذلك عن وعي وبحكمة هو الذي يسهم في تكوين وبناء وتقوية المؤسسات والتجمعات سواء الخيريّة أو الدينيّة أو الطلاّبيّة أو المهنيّة أو الفكريّة أو السياسيّة، وأي تجمّع آخر في الأمّة. .". ومنها حين تتكامل، يكون المنطلق نحو بناء "المجتمع والدولة" التي " تعكس ما في هذا المجتمع، (كيفما تكونوا يولّ عليكم) فإذا كان المجتمع متعاوناً، قويّاً، فسوف لا تكون هناك دولة ظالمة تحكمهم..". (التفاصيل ص 6)
|
|