سلوك الشباب على ذمة الشاشة الصغيرة
|
*إيمان عبد الامير
في عالمنا المعاصر تطورت وسائل الاتصال، ونقل الافكار والمعلومات، بشكل لم يسبق له مثيل، فهي تنتقل بسرعة الضوء والصوت، وتغزو العالم في ثوان معدودة، وهناك أعداد ضخمة من المؤسسات والاجهزة والادوات الخاصة بالتثقيف الجماهيري وتكوين الرأي العام وتصميم الشخصية، وغدت وسائل الاعلام والمعلومات، كالقنوات الفضائية وشبكات الانترنيت والصحافة والكتاب و... هي القوة المهيمنة على التفكير والفعالة في تكوين نمط السلوك.
فالاعلام يسهم في تكوين الفكر السياسي والدعاية للشخصيات والافكار، كما يسهم إسهاماً فعالاً، لاسيما الاعلام المصور، كالتلفزيون والسينما والفيدو والمجلة بالاغراء الجنسي، والتعريف بالازياء والسلوك والأفكار والإثارة، وتوجيه الرأي العام.
والشباب – لاسيما في مرحلة المراهقة – مهيأون أكثر من غيرهم، لتقمص الشخصيات، والتأثر بالشخصيات التي تظهر على شاشة التلفزيون أو السينما من الممثلين وعارضي الازياء ورجال العصابات وشخصيات العنف و...
كما يتأثر الشباب بالشخصيات التي تمثل دور البطولة السياسية والاجتماعية والثورية وعظماء التاريخ، لأن المراهق – من الاناث والذكور – في هذه المرحلة هو في طور تكوين الشخصية، وانتقاء المثال الذي يتأثر به، وحيث إنّ الغرائز والمشاعر، لاسيما غريزة الجنس، تكون في قمة القوة والعنفوان والضغط على المراهق، وتبحث عن طريق للتعبير والتفريغ، فإن وسائل الإعلام تسهم بشكل فعال في اثارة الغريزة الجنسية عن طريق الأفلام والصور الاباحية واللقطات الماجنة والمثيرة وعن طريق القصص الغرامية في قالب الأدب والثقافة، كما تسهم أفلام العصابات والاجرام في جرّ الكثير من المراهقين وتشجيعهم على ممارسة السلوك العنيف، لذا فإن الرقابة في بعض دول العالم تمنع العديد من عرض الأفلام الجنسية والأفلام التي تتناول ارتكاب الجرائم المروعة والدموية، كما تمنع أحياناً حضور المراهقين إلى قاعات عرض تلك الأفلام.
وجاء في احصائية أجريت في لبنان، تخصّ مشاهدة الفيديو، جاء فيها: أن مشاهدة الأفلام الاجتماعية والعاطفية حازت على الدرجة الأولى، وحلت الأفلام البوليسية في المرتبة الثانية.
وجاء في تقرير آخر: لقد تبين من دراسة أجريت في الولايات المتحدة على 110 من نزلاء مؤسسة عقابية أن 49% من هذه المجموعة أعطتهم السينما الرغبة في حمل السلاح و 12 – 21% منهم أعطتهم السينما الرغبة في السرقة ومقاتلة الشرطة.
ومن خلال دراسة اُجريت على 252 فتاة منحرفة بين سن 14 – 24 سنة تبيَّن أنَّ 25% منهن مارسن العلاقات الجنسية نتيجة مشاهدتهن مشاهد جنسية ومثيرة في السينما. و41% منهن قادتهن المشاهد إلى الحفلات الصاخبة، والمسارح الليلية. و54% منهن هربن من المدرسة لمشاهدة الأفلام. و17% تركن المنزل لخلاف مع الأهل حول ذهابهن إلى السينما، وجاء في تقرير الهيئة الصحية العالمية عن انحراف الأحداث، وعلى لسان القضاة الفرنسيين العاملين في ميدان الأحداث ما يأتي: لا يخالجني أيّ تردد أن لبعض الأفلام، وخاصة الأفلام البوليسية المثيرة معظم الأثر الضار على غالبية حالات الانحراف لدى الأحداث.
وفي انجلترا تمكنت بعض الدراسات من خلال استجواب 1344 شخصية اختصاصية حول العلاقة بين السينما وانحراف الأولاد دون السادسة عشرة فأجاب ستمائة منهم بوجود علاقة بين انحراف الأحداث والسينما.
وهكذا يتضح أن مشاهدة الأفلام العاطفية، ومنها الجنسية هي في المرتبة الأولى، وأن مشاهدة الأفلام البوليسية يأتي في المرتبة الثانية، وكما أكدت الدراسات العلمية، فإن المراهق في هذه المرحلة يسعى من خلال المحيط لتكوين شخصيته، وهو سريع التأثر والتقبل؛ لوجود العواطف والغرائز والشحنات النفسية والجسدية المتوثبة، والباحثة عن التعبير والتفريغ.
هذه الارقام غيض من فيض الارقام والاحصائيات حول التداعيات الاجتماعية والأسرية بسبب التأثير السيئ لبعض وسائل الاعلام ذات الاثارة الرخيصة على الشباب والاحداث، وربما هنالك ارقام في بلداننا الاسلامية لا تقل عما نقرأه في الغرب، لكنها لم تظهر لعدم وجود المؤسسات المختصة في مجال الاحصاء المهني والدقيق، أو ان اخفائها يعود لاعتبارات اجتماعية، في كل الاحوال، فنحن لسنا مثل الغرب الذي يعيش في دوامة الجنس والعنف ولا يرى أمامه بصيص أمل للخروج من هذه الدوامة، ويحاول المعنيون في البلاد الغربية لايجاد مضادات حيوية أو لقاحات لمواجهة هذا المرض أو تلك الظاهرة.. نحن لدينا الفكر والثقافة والاسلوب والمنهج واللغة، وغيرها من عوامل النهوض والتخلص من شراك الميوعة والانحلال الخلقي، لكن – وما أدراك ما لكن؟!- حسبنا الارادة والهمّة والشجاعة لمواجهة الخطأ في حالة أو ظاهرة أو شاب أو حتى رجل كبير يُعتد به، وأن لا نخاف في الله لومة لائم.
6
|
|