انفلونزا الخنازير.. بين التطعيم المريب و التهويل المقصود
|
*إعداد / فاضل عبد الحسين
في ظل الهواجس المخيمة على أذهان الناس في كل مكان مخافة تعرضهم لهجوم فيروس (h1a1)
المعروف بانفلونزا الخنازير، يجري الحديث حالياً حول مواجهة هذا الفيروس بتطعيم لقاحات يقول المسؤولون المختصون في القطاع الصحي إنه جد ضروري للحؤول دون اصابة الناس لاسيما الاطفال بهذا المرض الذي كثر الحديث عن خطورته وقدرته على دفع المصاب الى حافة الموت.
أحد الأطباء السعوديين نشر مقالاً في صحيفة (المدينة) في ايلول الماضي، خفف من حدّة تلك المخاوف والهواجس، كما فنّد الادعاء بأهمية تطعيم اللقاحات لمواجهة مرض انفلونزا الخنازير، وجاء المقال بعنوان: (كفانا تخويفاً يا تجار الطب)..
يقول الدكتور طارق بن صالح الجمّال: جاءتني ردود ايجابية كثيرة على الجوال وعلى البريد الالكتروني
وقليل من الردود السلبية وأحدها طالبني بعدم التعامل بسطحية مع عقول الناس.. مع أني تحدثت بحقائق علمية لم يدركها الأخ الكريم وختمت مقالتي بأن خلاصة القول: خذوا الإجراءات الواجب اتخاذها كأي انفلونزا عادية أو موسمية، ولا تفزعوا كل هذا الفزع فالمرض ليس بتلك الخطورة التي يصورونها.
ويقول الدكتور الجمّال: أنا ضد التضخيم الزائد عن حده وتخويف الناس بدون داع وأنا لا أتحدث من منطلق عاطفي وإنما من منطلق علمي وخبرة تزيد عن ثلاثين عاماً في مجال طب الأنف والأذن والحنجرة، ولا أتهم أحداً بالمؤامرة ولكني أود التذكير بمبدأ الرأسمالية وهو الكسب المادي بغض النظر عن الوسيلة فليس مهماً لديهم كيف أكسب ومن أين أكسب ولكن المهم كم أكسب! واليوم أود التأكيد على حقائق علمية ومن أرض الواقع تثبت ما قلته .
وطالب الدكتور السعودي بالتأني في استعمال التطعيمات ضد هذا المرض، من منطلق علمي بحت – كما يقول- لأن التطعيمات ستحمي من الاصابة بالمرض الذي شفي منه أكثر من 98% بالراحة والبندول والفيتامين (س) بدون تطعيم، ولكنها لن تحمي من مضاعفات الفيروس المتحور والذي يُسبب الوفاة، ومنظمة الصحة العالمية نفسها تؤكد هذه الحقيقة العلمية، وهي أن الفيروس قد يتحوّر في أي وقت.
ويورد الدكتور الجمّال حقائق علمية ذكرها بالشكل التالي:
1- من يقف على سطح الحرم المكي الشريف كل ليلة ويطل على المطاف ويرى الآلاف يطوفون في زحام شديد وتقارب للأنفاس قل نظيره في العالم، وأكثر من تسعين في المائة منهم غير مرتدين للكمامات يتوقع أن يطرح هذا المرض المئات يومياً لو كان بالخطورة التي يصورونها، فكم كان عدد المصابين؟
2- أكدت اللجنة العلمية الوطنية للأمراض المعدية في السعودية أنه لم تسجل حالات وفاة أو حالات تحويل الى المستشفيات بسبب انفلونزا الخنازير بين المعتمرين والزوار في مكة المكرمة والمدينة المنورة إذ أنه شفي جميع المرضى، مما يؤكد عدم انتشار المرض بشكل وبائي
3) كان المتوقع أن تقتل انفلونزا الطيور الملايين، فكم قتلت؟ الوفيات في العالم حسب تقرير منظمة الصحة العالمية نفسها في يونيو 2009م ولكن مائتين واثنين وستون فقط ماتوا من انفلونزا الطيور في العالم كله !
4) الشركات لا تستطيع تصنيع تطعيمات ضد الفيروسات القاتلة والخطيرة، وطالما صنعت تطعيماً بهذه السرعة (والمشكوك في مصداقيتها)، فان هذا دليل على أن الفيروس ليس بالخطورة التي يصورونها.
5) قال اختصاصي الأوبئة توم جيفرسون في تحقيق أجرته معه مجلة (دير شبيجل) الالمانية: من المثير للعجب أنه وعبر السنين يصر بعض الناس على التنبؤ بأوبئة وتداعياتها، ولم يحدث أن تحققت تلك التنبؤات إلا أنهم يصرون على تكرارها، وهم.. وضرب مثلاً بانفلونزا الطيور التي كان يفترض أن تقتلنا جميعاً، وعلق قائلاً: إنه يشعر أحياناً وكأن هناك صناعة كاملة تنتظر بشوق انتشار وباء، وتعتمد على ذلك وظائف ومؤسسات كاملة! وأضاف جيفرسون، وهو يعمل مع منظمة كوكران التعاونية وهي منظمة غير ربحية ومستقلة تعني بتوفير معلومات دقيقة عن القضايا الطبية والصحية في العالم: لقد قامت المنظمة بتقييم منهجي للقاحات المستخدمة ضد الانفلونزا الموسمية وكانت النتائج ليست جيدة فاللقاحات تحارب فيروسات الانفلونزا فقط ولا تؤثر في الفيروسات الأخرى التي تُسبب أمراضاً شبيهة بالانفلونزا وهي مسؤولة عن وفيات أكثر من الانفلونزا نفسها، مما يعني أن اللقاحات غير مؤثرة فيما يتعلق بنسب الوفيات العالية، فضلاً عن أن تغير فيروسات الانفلونزا بشكل مستمر يجعل اللقاحات غير فاعلة في كثير من الأحيان كما أن دراسات المنظمة بينت أن اللقاح يكون فاعلاً أكثر في الشباب أما مع الأطفال وكبار السن ففاعليته ضئيلة، والحقيقة أن اللقاحات مهمة أكثر لهاتين الفئتين أكثر من الشباب.
6) انا مع ما جاء في كلام السيد جيفرسون وما يؤكده أن تلك الجهات توقعت وفاة الملايين من مرض (سارس)، وهو الالتهاب الرئوي الحاد في الكبار، والذي صدرته الصين الى العالم، فهل تعلم كم ماتوا منه ؟! فقط مائة وسبعة وستين شخصاً في العالم، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية نفسها، فهل أجلوا الدراسة في أمريكا أو كندا أو بريطانيا؟ وهل طعموا تلاميذهم في المدارس؟ وهل تعلم ان الحكومة الأمريكية استخدمت لقاحاً ضد هذا الفيروس عام 1976م ولكن نتائجه لم تكن في الحسبان، فبعد شهرين من إعطاء اللقاح ظهرت حالات شلل عصبية وتبين أن نسبة من تعرض للشلل العصبي تفوق من لم يأخذ اللقاح بنسبة 1100% (ألف ومائة في المائة).
ثم يذكر الدكتور الجمّال خبراً: في فبراير 2009م قامت شركة (باكستر) إحدى الشركات الكبرى لإنتاج اللقاحات بإرسال لقاح فيروس الانفلونزا الموسمي إلى 18 بلداً أوروبياً وكان اللقاح ملوثاً بفيروس انفلونزا الطيور الحي، ولحسن الحظ قررت الحكومة التشيكية اختبار اللقاحات كخطوة روتينية، وعينت شركة (بيوتست) التشيكية لاختبار اللقاح الذي قامت بتجربته على حيوانات المختبر، فكانت الصدمة عندما ماتت جميع الحيوانات التي أُعطيت اللقاح فأدركوا أن هناك خطأً هائلاً ! وأسرعت الحكومة التشيكية إلى إخطار حكومات البلدان الأخرى التي تلقت اللقاح، ولحسن الحظ أنها أدركت ذلك في اللحظة الأخيرة، وتبين فعلاً أن اللقاحات تحتوي على الفيروس الحي، ولكن الأدهى والأمر أن الشركة لم تتم محاكمتها ولا معاقبتها على هذا الخطأ الفادح والقاتل، فمن وراءها ؟!
الى هنا ينتهي كلام الدكتور الجمّال، وبالرغم من ان هكذا حديث يصدر في بلد كالسعودية التي تضم الحرمين الشريفين، وتستضيف سنوياً ملايين الحجاج من كل فج عميق، الا انه ليس مبرراً بأي حال على تجاهل هكذا اثارات وعدم الاستفادة من تجارب الاخرين في البحث عن الافضل والاكثر أمناً على واقعنا الصحي، لاسيما ونحن في العراق نعيش خروقات صحية عديدة ومختلفة، وخبر المرض ينتشر قبل المرض نفسه، لذا يستدعي الأمر من المسؤولين المعنيين بأن لا يجعلوا اللقاحات رغم ما يُقال عن اهميتها هو الملاذ الآمن والوحيد والمعصوم عن الخطأ، بل يجب الاستمرار في البحث والدراسة خدمة للصالح العام.
|
|