المرجع المُدرّسي خلال استقباله وفودا من عدة بلدان في الديار المقدسة:
ركائز نهضة الأمة بالقرآن وأهل البيت(ع) والحج
|
استقبل سماحة المرجع المدرسي (دام ظله) بمقر بعثته الدينية للحج ، في الديار المقدسة، وفودا علمائية وحجيجا ومرشدين ومرشدات من قوافل الحج من مختلف البلدان، في مقدمتها العراق ومن مختلف محافظاته، ودول الخليج، وبلدان اسلامية ،وحملات من دول الاغتراب. وتطرق سماحته في حديثه الى الوفود لجملة من القضايا في الأمة. و تساءل سماحته في بداية حديثه عن كيفية تغيير حالة المسلمين للأفضل، في ظل الصراع والتحدي الذي يشهده العالم بأسره ، واستطرد سماحته بقوله ” أنه لايمكن لأحد في هذا العالم أن يتخذ موقعا قصيا ويترك الناس لوحدهم يعيشون في هذا التحدي والمجالدة".كما تساءل سماحته عن " الوسيلة المثلى التي بها نستطيع التحرك للأمام ونحن نرى أنفسنا متأخرين بمراحل طويلة عن بقية الآخرين". واشار في هذا السياق الى جملة من القواعد والمنطلقات التي يجب التحرك من خلالها وعبرها لتحقيق الاهداف المنشودة.مضيفا بقوله " نحن بحاجة إلى الربط بين كل مقصورات القطار حتى نستطيع السير بشكل سليم والوصول إلى الهدف المنشود، فديننا وقيمنا وتراثنا يمكن وصفه بجهاز كامل فيه كل ما يحتاجه العالم من قوة دفع وهي ليست بالبسيطة والهينة". و شدد سماحته على الاستفادة من "هدي القرآن الكريم وبصائره لأنه الى جانب تراث وكلمات وسيرة أهل البيت (ع)، كتاب نهضة وعطاء وحيوية وتغيير.."،كما أشار إلى أن الحج هو بمثابة "انتفاضة للأمة"، مبينا أن هذه الانتفاضة تحتاج إلى رجال قادة، وبرامج تنمي المجتمع وتنهض بالأمة الإسلامية، وأن هذه البرامج لابد أن تكون ذات بعد نفسي وعقلي مخطط له؛ لتخرجنا من الإطار الضيق الذي نحن فيه ومن الواقع المتردي إلى الواقع الذي يريده منا الرب تعالى. كما دعا سماحته العلماء إلى أن يتعدوا مرحلة التفكير كونهم خطباء او علماء محليين فقط، الى مواكبة وجدية للعرض و الاستفادة في ذلك من شتى وسائل الاتصال والايصال الحديثة ، وطرق شتى الميادين والابواب بما في ذلك باب الكتابة للأطفال .وأوضح في هذا السياق بأن "ظلامات أهل البيت عليهم السلام، بل ظلامة الرضيع يمكن لها أن تغيرالكثير في واقع الامة بل و العالم كله، من خلال الوصول العاطفي والذهني للأخرين لتتفتح عقلياتهم على الحق والحقيقة..".
كلما اقتربنا من الله ابتعدنا عن الخلافات
وألقى سماحة المرجع المدرسي”دام ظله” محاضرة أمام حشد من حجاج حملات خليجية وعراقية حيث أشار إلى هدفية التمايز والاختلاف بين البشر التي خلقهم الله عليها ، والتي تشير اليها الاية الكريمة (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا أن اكرمكم عند الله اتقاكم)، هي أن يتعرف ويعترف بعضنا ببعض، مشيرا الى أن الدمار والخراب والصراع الذي يشهده العالم يعد أمرا عجيبا ومستهجنا ، مرجعا السبب في ذلك إلى ابتعاد الإنسان عن الله عز وجل، بالقول " كلما اقتربنا من الله سبحانه وتعالى ابتعدنا عن الخلافات مع بعضنا وصغنا حياتنا وفق منطق واسس التعايش و التعاون والتشاور "، داعيا الحجيج، وعموم الناس، إلى " هدم الحواجز والفواصل بينهم التي تنبع عادة من الاهواء ووساوس الشيطان والافق الضيق والنظرة السلبية والمصالح الخاصة.. فالناس يأتون الى الحج ويصرفون الكثير من الحهد و المال ، لذا عليهم اغتنام هذه الفرصة للحصول على تحول ايجابي كبير في حياتهم ونيل رحمة الله تعالى بالقرب منه واتباع ما امر به من تعاليم وقيم ، ولو وصلنا الى تلك المرحلة بإذن الله فإن واقع حياتنا سيتغير للافضل، بل وحتى محيط العالم الذي نعيش فيه سيتغير من حولنا..".
لقاءات وتواصل مع بعثات المرجعيات الدينية
وفي سياق التواصل والتعاون مع الهيئات والبعثات المرجعية المختلفة، استقبلت بعثة سماحته في الديار المقدسة، خلال الايام الماضية، عددا من وفود بعثات المراجع الكرام، كما قامت وفود من بعثة سماحته ، بزيارات متعددة لمقار البعثات المرجعية .و جرى خلال تلك اللقاءات البحث في العديد من القضايا محل الاهتمام على الساحة الإسلامية، وبالذات ما تتصل بالتحولات المهمة التي تعيشها عدد من الدول العربية، كما تم استعراض عدد من قضايا ومستحدثات المسائل في الحج لهذا العام على المستويين الفقهي والعملي. وفي بعض تلك اللقاءات تحدث سماحة المرجع المُدرّسي حول تفسير القرآن الكريم وضرورة بذل المزيد من الجهود من قبل الحوزات العلمية لتطوير مناهج التفسير. و ضرورة بناء طلاب العلم من خلال الحوزة منذ المراحل العمرية الأولى، مشيداً بتجربة العلماء الأوائل في تدريس كافة العلوم المرتبطة بالمنظومة التشريعية من أجل تخريج أجيال نقية من شوائب المناهج الأخرى. المرجع المدرسي يؤكد على ضرورة الأهتمام بتطوير النظم والمناهج في الحوزات والمعاهد العلمية. وفي ذات السياق استقبل سماحته وفدا علمائيا من العراق وبلدان عربية و اسلامية ، ودعا خلال اللقاء إلى ضرورة الأهتمام بتطوير النظم والمناهج في الحوزات والمعاهد العلمية نحو فهم أعمق للشريعة ومواكبة للمتغيرات. ، موضحاً أن الحوزات العلمية كان لها ولا يزال التأثير الأكبر في حياة المجتمع كونها الخط الحيوي والنابض للأمة، والمتناغم مع الآمال والطموحات المعقودة عليها للنهوض الحضاري أمام جملة من التحديات المعاصرة .هذا وشملت الزيارات المتبادلة ، بعثات المراجع (دام ظلهم) كل من سماحة آية الله العظمى الشيخ نوري همداني، سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحائري، سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي ، سماحة آية الله العظمى الشيخ صافي كلبيكاني، سماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني، سماحة آية الله العظمى الشيخ وحيد الخراساني، سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم، سماحة آية الله العظمى ا لشيخ بشير النجفي، سماحة آية الله العظمى الشيخ اسحق الفياض.
الحج ومفهوم الكفر بالجبت والطاغوت
وفي كلمة لسماحته خلال استقباله لجموع من الوفود والحجيج بمقر بعثة الحج بمكة المكرمة ، اشار سماحته الى مفهوم الكفر بالطاغوت بوصفه قوة بشرية وصنمية تُفرض على الإنسان من دون الله ، مستشهداً في هذا السياق بقصة خليل الله إبراهيم (عليه السلام) التي تمثل قصته مصداقاً للتوحيد الحقيقي، حيث لم يكسر الأصنام فحسب، وإنما بنى بيت التوحيد ومثل بفعله وكلماته التوحيد الحقيقي. وأضاف سماحته بأن ديار الحج الأكبر المقدسة تحتاج إلى الأمن وهو ما طلبه نبي الله إبراهيم من ربه { رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا }، مضيفاً بأن الأمن كمفهوم له وجهان، الأول ظاهري يتعلق بشر الأعداء الذي قد يستهدفونها، والثاني أمن باطن يتصل بطهارة القلب من شر الأوثان والجبت والطاغوت وعبادها الذين ضلوا وأضلوا كثيراً من الناس.وفي صدد الإجابة عن التساؤل حول الوسيلة إلى أن يؤدي الحاج فريضته كما يجب ويتمكن من الاستفادة منها بشكل حقيقي، أكد سماحته على ضرورة " أن يتطهر القلب من الشهوات والاهواء والرضوخ للأصنام، وأن يرتبط بأولياء الله، فقد تجد البعض في الظاهر يدّعون إيمانهم بالله وكفرهم بالأصنام ولكن دون حبهم للرسول صلى الله عليه وآله، ومن يدعٍ حب الرسول ولا يطعه تمام الطاعة فهو كاذب في حبه هذا"، واوضح أن من تمام الحج التعرف على ولي الأمر (عجل الله فرجه)، مشيرا إلى أن الفواصل التي تحول بيننا وبينه عليه السلام سببها الذنوب والغفلة التي تصيبنا، وعدم انتباهنا إلى بركاته وألطافه وإن كان متوارياً عن أنظار العباد.
ازالة الحواجز المصطنعة وتكريس ثقافة التعارف القرآنية
ودعا سماحة المرجع المدرسي لدى استقابله جموعا من الحجيج العراقيين والخليجيين ومن بلدان اسلامية وعربية اخرى، الى تكريس مفهوم وثقافة التعارف القرأنية بين الشعوب ، وإزالة الحواجز الشيطانية المصطنعة بين الناس، وأضاف إن الإنسان اذا عرف بعمق ووعي اكثر فلسفة وحِكم ومنافع الحج، فأن ذلك يدعوه لتأدية هذه الفريضة بشكل أفضل وبطريقة مختلفة. وفي صدد الحديث عن بعض من مناقع واهداف الحج أشار سماحته إلى " التعارف بين الحجاج انطلاقاً من أن التعارف من حكمة الحياة بين الشعوب والقبائل" موصياً اياهم بأن "لايقضوا أوقاتهم في عرفات ومنى والبيت الحرام في دوائرهم الضيقة، فعلى الحجاج أن يعملوا على إزالة الحواجز الشيطانية المصطنعة، فلا فصل وتمايز بينهم في رحاب هذا البيت المبارك وهذه المشاعر المقدسة.. ومن ثم انطلاقا منها الى باقي الاماكن ومجالات الحياة التي يتعايش فيها الناس". وأكد سماحته في كلمته أن " الله تعالى خلقنا ليرحمنا، فلماذا نحقد على بعضنا ونتصارع"، مشدداً على خطر " بث الكراهية سواء في داخل المجتمعات، أو بين بعضها البعض".
كما استقبل سماحته وفد مؤسسة المصطفى الخيرية لرعاية الأيتام في كربلاء المقدسة . وأشاد سماحته بدور المؤسسة التي تمكنت من كفالة اكثر من 1000 يتيم ويتيمة، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، وحث على مواصلة العمل والسعي الدؤوب حتى تغطية كفالة كافة باقي اعداد الأيتام المسجلين لدى المؤسسة والذين يبلغ عددهم خمسة آلاف يتيم ويتيمة.
مواجهة تحديات القارة السمراء بالاسلام
واستقبل سماحته كذلك وفداً من الفعاليات الدينية والثقافية في تنزانيا ودول افريقية اخرى، وفي حديث له مع الوفد اشار سماحته إن الإسلام دين حضارة وأن جوهر الإسلام هو التشيع، وإن من يأخذ بالدين و مايقدمه من اسس وقيم واسباب الحضارة فأنه يستطيع أن يتقدم ويرقى.وأضاف إن الإسلام " منظومة متكاملة، ولذا فتعاليمه تطال كل الحياة الإنسانية، كالتعاون الذي بدونه لا يمكن بناء المجتمع كما يعبر عنه القرآن (كالبنيان المرصوص).. و تعاليم الدين مرتبطة كذلك بالأمن؛ إذ أن مراعاة 24 حقاً من حقوق الإنسان مفصلة في كتبنا وماورد في تراثنا عن أهل البيت(ع)، تؤدي لتحقيق الأمن في حياته..".وبين سماحته أن القارة الإفريقية تواجه ثلاثة أخطار أساسية، هي التصحر والصراعات القبلية والفقر، داعياً الأفارقة إلى التخطيط من أجل الاستفادة من مما يقدمه الاسلام من حلول وأسس وقيم ، الى جانب ما هو متاح في العالم من تجارب ايجابية وسليمة ، في تجاوز هذه الأخطار. وفي هذا السياق اشار سماحته الى التخوف من أن تغرق ليبيا في العنف والفوضى نتيجة الصراعات القبلية التي تتهددها، مؤكدا أن الغرب يبحث عن حلول من أجل مصالحه لاغير، في حين أن افريقيا وشعوبها يجب أن تفكر بحلول من أجل مصلحتها وسلامتها وتقدمها. سائلا الله سبحانه أن يمن على الامة الإسلامية بالفرج والنصر والأمن والاستقرار والتغيير لواقعٍ أفضل.
مجالس أهل البيت (ع)
الى ذلك، واحياءً لأمر أهل البيت عليهم السلام وتوسلاً بذكرهم الطاهر في البقاع المقدسة، أقامت بعثة سماحته مجلسا حسينيا عن الزهراء البتول عليها السلام، كما اقامت مجلسا آخر بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الجواد عليه الإسلام . وحضر المجلسين وفود وجموع من الحجيج من العراق وبلدان عربية واسلامية عدة، حيث رقى المنبر سماحة السيد أحمد الموسوي متحدثاً عن ظلامة أهل البيت عليهم السلام ، والآلام والمعاناة التي تعرض لها بيت النبوة عليهم السلام في سبيل رفع راية الهدى واستقامة الدين وثبات اليقين لدى المؤمنين .
|
|