قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الفساد و دور الأعلام المغيب..
مصطفى سليم
الواجب الوطني والأخلاقي والإنساني والمسؤولية تحتم على القوى السياسية ان تقف موقف صريح و واضح بكشف ملفات الفساد المخيفة في المؤسسات الحكومية والتي نخرت جسد الدولة العراقية وحولتها الى سلعة رخيصة، تباع بدون أدنى وأزغ أخلاقي أو قانوني، فعدم وجود الرادع الحقيقي وإغماض الطرف عن عمليات التلاعب بالمال العام،ولاسيما بوجود المبرر الكافي لفضح تلك الجرائم وعدم السكوت عنها، والتي حولت المواطنين الى طبقات متمايزة وفوارق طبقية شاسعة مع وجود طبقة فقيرة الى درجة احتمال عدم وجود قوت اليوم الواحد،لولا ما بقى وما نعول عليه من روح التعاون بين أبناء هذا الوطن بتراحمهم بعضهم على بعض.
والمؤسف والغريب انه كان من المفترض ان لا نسمع بمثل هذه الحالات في عراقنا العزيز بعد زوال الطاغية وزبانيته،و وجود النظام الهرمي للحكم المبني على القاعدة الجماهيرية المعنية باختيار الحكام، و بفضل ما وصلت أليه أسعار النفط في الأسواق العالمية، والتي وفرت للعراق ميزانية هي الأكبر في تاريخه المعاصر وليس على المستوى المحلي بل ربما على مستوى الدول المجاورة والإقليمية،مما يؤكد المسئولية على الجهات الرقابية وخاصة المستقلة منها على اخذ دورها اتجاه المواطن للتخفيف عن معاناته اليومية.
وعلينا ان نتذكر كذلك ان أدوات الرقابة متوفرة اليوم أكثر من الأمس،واحد أهم تلك الأدوات هو وسائل الإعلام، وخصوصا الذي استطاع منه(الإعلام) تجاوز الاحتكار الحكومي وكشف تجاوزاته وانحرافاته، والتي كانت هذه الوسائل تحت سيطرة الأنظمة لتوظفها لإقناع الجماهير بانجازات وهميه لا أساس لها على ارض الواقع للتغطية على أدائها السيء..
وطبعا على ان لا يتحول مشروع الأعلام (الإصلاح)، الى هدف أخر يعمل على استهداف الآخرين للنيل منهم بشكل غير أخلاقي منتهجا سياسة لوي الذراع وكسر العظم لتمرير أهدافه المبطنة ليكرس الفلساد محل الإصلاح، بإنعاش التصارع وفتك كل جهة بالأخرى لتتسبب مثل هذه الأزمات الى المزيد من فقدان الثقة وتوفير الأجواء الملبدة للاستمرار بالفساد وتغذيته وحماية المفسدين تحت أسباب خاصة ضيقة أو انتماءات حزبية محدودة وهو ما شهدناه بالتغطية على المفسدين خلال المرحلة الماضية.
ويبقى المقصر الرئيسي بذلك كله هو مجلس النواب الذي تنصل كثيرا (اكثرية اعضاءه) عن مهمته في المراقبة الجادة والمتابعة الحثيثة لأداء الحكومة وتقيم عملها بشكل وطني خالص،فالسكوت عن تصرفات بعض المسؤولين الضاغطة في إخفاء الملفات والانتهاكات ومنع الوصول إليها،جعلت من العراق الاسوء بين البلدان وتصنيفه بمقدمة البلدان الفاسدة ماليا و أداريا..