حتى لايُفرض الأمر الواقع مرة أخرى
|
عبد الكاظم محمود
أن الواجب الوطني والأخلاقي يحتم على جميع المسؤولين في أي موقع من مواقع المسؤولية أن يعتبروا هذه المرحلة مرحلة تجميد الخلافات، ورفع أسباب كل الحساسيات، وإلغاء كل الذاتيات، وعلى الجميع أن يسحقوا ذاتهم أمام حاجة وطنهم وحاجة شعبهم ومستقبل أجيالهم. فالكل يعلم أن المرحلة صعبة وصعبة جدا خصوصاً في بلد يعيش سنوات التحولات الجذرية الكبرى من النظام الدكتاتوري البائد في كل مفاصله السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية إلى النظام الديمقراطي البرلماني الحر الذي لاتقيده الفرديات على مستوى الحاكم أو منظومة الدولة. .
ولهذا فأن على الذين يضعون العصي في دواليب التغيير في القرارات والقوانين البائدة،والذين يضعون العصي في دواليب عملية التصويت على القرارات الجديدة، أن يتقوا الله في ذلك، وان يعلموا أن الزمن لايعود الى الوراء، وان الناس لايتملكها الحنين الفارغ الى الماضي الذي لايغني ولا يسمن من جوع، وفي نفس الوقت فأن الشعب العراقي الذي عانى كثيراً، وقدم ثمناً كبيراً من دمائه ووجوده واستقراره وعافيته في سبيل حريته وانعتاقه، أن هذا الشعب الواعي لايسمح أن تعاد عليه قوانين وسياسيات تكبله أكثر وتقيده أكثر، وتجعله اسيراً للامزجه والرغبات الظالمة، والمشتهيات الفردية التي عانى منها طويلاً، فالشعب العراقي لايقبل بتمرير القرارات والقوانين التي لاتتماشى مع تطلعاته المشروعة، ولا يرضى بكل مايتجاهل مأساته الكبرى على مدى العقود الماضية.
أن الرد الطبيعي على قسوة الماضي وأهوال السنين التي مر بها الشعب العراقي هو الاهتمام بالإنسان العراقي المعذب التي لم تتوقف معاناته حتى بعد سقوط النظام البائد، وذلك من خلال سن القوانين الذي تكفل بها حماية الإنسان وإعطاؤه الحق في التعبير عن رأيه والعيش الكريم والسكن اللائق به، وعدم سن القوانين وإقرار القرارات الظالمة بحق مرة أخرى. فعلى جميع المخلصين من أبناء هذا الوطن الغالي أن ينطلقوا لكي يصنعوا القوة التي تجعل من كل شخص منهم مدرباً على الوعي السياسي في أي وقت تحتاجه منهم المرحلة حتى لايفرض عليهم الأمر الواقع مرة أخرى. ..
|
|