ممثلو الشعب. . والمسؤولية
|
عمار كاظم
ثبت الإسلام مسؤوليتين على الإنسان، مسؤولية فردية تجعله مسؤولا عن نفسه (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)، ومسؤولا عن كل ما يصدر عنه من قول أو فعل، مسؤولا أمام الله ومحاسبا بين يديه يوم القيامة يوم العدل والجزاء يوم الكشف والوفاء.
الإسلام يربي سلطة الضمير ويدعو الإنسان الى أن يحاسب نفسه بين يدي الله تعالى ويشعرها بالتقصير والمسؤولية ويصحح مواقفه السلبية من تلقاء نفسه ويكون رقيبا عليها، مسؤولا عن المال الذي بيده من أين كسبه وكيف أنفقه ولم ادخره، ومسؤولا عن علمه وما وهبه الله من طاقة العلم والمعرفة، مسؤولا عن كيفية استخدام العلم هل لخير الإنسان استعمله أم سخره للفساد والضرر والتخريب والاستقلال واحتواء مكاسب الدنيا، ومسؤولا عما وهبه الله من عقل وذكاء، ومسؤولا عن كيفية استخدام هذه الطاقة للتضليل والانحراف والتحايل والمكر ونصب حبائل الشيطان استخدمه أم لمعرفة الهدى وتقويم النفس وإصلاحها والاهتداء بها في السير، ومسؤولا عن القوة التي وهبها الله إياها كيف استخدمها وكيف تصرف للمعصية والعدوان استخدمها أم للطاعة وفي مجال الخير وظفها، ومسؤولاً عما وهبه الله من سلطة وجاه ومكانة اجتماعية، فهو مسؤول عن ذلك كله عن كيفية استخدام سلطته، ومقامه، أللتسلط وتحقيق المكاسب الشخصية والتعالي على الآخرين، أم استخدمها للإصلاح والهداية والتقويم والطاعة لله تعالى. واللسان الذي وهبه الله تعالى كيف استخدم هذه القدرة العظيمة للنطق بكلمة الخير والإصلاح والعلم النافع أم للتضليل والكذب والاغتياب وضرب الآخرين. ومسؤولا عن العين كيف استخدمها وكيف سخرها، ومسؤولا عن السمع كيف استخدمه للكذب واللهو والغناء والفحش وكلمة الضلال أم لسماع كلمة الهدى والعلم النافع والموعظة الحسنة (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
رتب الإسلام المسؤولية فكل إنسان مسؤول عما في يده، وعما تحت يده، فالراعي مسؤول عن رعيته، والأب مسؤول عن أبنائه، والرئيس مسؤول عن مرؤوسيه.. وهكذا (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فلا عمل ولا تنظيم للحياة بلا مسؤولية وكما أن الإنسان مسؤول عن نفسه وعمله فهو يحمل مسؤولية الإصلاح الاجتماعي ومقاومة الفساد كل أنواع الفساد الأخلاقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي فالكل مسؤول ويتحمل واجبه في الإصلاح ومقاومة الفساد.
إن نواب الشعب، والمسؤولين في الحكومة وعموم مفاصل الدولة، عليهم مسؤولية عظيمة في تكريس الحق والعدل والمساواة وأمامهم الكثير من التحديات والقضايا المهمة لانجازها، وهي لن تنجز الا بالتعاون وحسن النوايا والإحساس بالمسؤولية واعتماد الحوار البناء لبلوغ الرأي الأصوب وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وبإرادة مخلصة نحو التسامي والارتقاء بأهدافنا وطموحاتنا، متطلعين إلى غد يحل فيه التعاون محل الاختلاف، والتعاون والصداقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية حتى لا تسير الأمور في غير الطريق الذي نتمناه وتضيع الاستحقاقات المستهدفة والتي ينتظرها الشعب في زحمة الخلافات والأزمات السياسية، فالتعاون حوار خلاق وعمل دؤوب من أجل بلوغ المأمول من الغايات والمقاصد والنزاع والتصارع والجدل العقيم مدعاة للخذلان والتخلف وإثارة أجواء التشنج والتجاذب والتوتر الذي لا طائل منه وما قد تنتهي إليه هذه الأمور من نتائج لا يمكن لمخلص أن يتجاهل جسامة عواقبها.
إن المأمؤل من الجميع تحكيم العقل والضمير في تقويم تجاربنا السابقة، والالتفات الواعي إلى ما يجري حولنا، استخلاصا للدروس والعبر في رسم المستقبل، رائدنا في ذلك المحافظة على وحدة وأمن واستقرار البلد وخدمة الشعب ودعم وتطوير تجربة ومسيرة العراق الجديد، مواجهة التحديات الماثلة، وهو ما يدعونا إلى أن تكون هذه الاهداف دائما هي الميزان فيما ننوي ونقول ونعمل، وذلك لايتم الا بالثقة ووعي حجم وخطورة المسؤولية والدور في تجاوز هذه المرحلة بكل تبعاتها وآثارها وفتح صفحة عنوانها بناء الوطن وخدمة الناس نتفرغ فيها جميعا إلى العمل البناء للنهوض ببلدنا كل من موقعه والارتقاء به إلى المكانة التي يستحقها ونحن بالتعاون واخلاص النوايا, بإذن الله والتوكل عليه وبعونه قادرون على ذلك.
نسأل الله تعالى أن يعم على بلدنا وشعبنا بنعمة الأمن والأمان ويدفع عنا شرور الفتنة والشقاق والفرقة والخلاف وأن يكون الحوار رائدنا بروح من الإخاء والمودة لجميع أبناء الوطن.
|
|