(تلاوة) القرآن.. (إتِّـباعه)
|
أمين أحمد
تعتبر العربية لغة ثرية جدا، ولذا اختارها الله عز وجل لتكون لغة القرآن ولغة أهل الجنة، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يُقال لصاحب القرآن إذا دخل الجنة: اقرأ واصعد، فيقرأ، ويصعد بكل آية درجة، حتى يقرأ آخر شيء معه منه). ولإكمال الاستفادة من القرآن الكريم في حياتنا العملية لا بد من تخطي العديد من الأخطاء الشائعة التي درج عليها الناس، وساهمت في تجميد المفاهيم القرآنية، وتجميد لغة القرآن والرضى بالدوني من الرؤى وأنماط الحياة، وكمثال صارخ على هذه الأخطاء الشائعة ذلك المفهوم المتداول بشأن (تلاوة) القرآن، فهذه العبارة ارتبطت في أذهان الناس بالقراءة المجردة، فاصبح كثير من المهتمين بالشأن القرآني يتسابقون في ختم القرآن وجودة القراءة فقط، في حين أن المعنى الأبلغ لـ(تلاوة) القرآن هو (اتباع) أحكام القرآن، والتطبيق المتتالي لهذه الأحكام، وقد ورد في معاجم اللغة في معنى كلمة (تلا) ما يشير إلى هذا المعنى، وجاء في معجم مختار الصحاح: (تلا القرآن يتلوه تلاوة، وتلوت الرجل تبعته... وجاءت الخيل تتالياً أي متتابعة). وفي معنى اتباع القرآن يقول الله عز وجل: (إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه).
وحيث إننا هذه الأيام ننزل في ضيافة الله عز وجل في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، فمن المناسب تدارك ما تم من تقصير في التعاطي مع كتاب الله عز وجل، علما بأن هذا التدارك لا يمكن أن يتم ما لم يتم تخصيص أوقات كثيفة للتدبر في مواضيع قرآنية مختارة تساعدنا في تشكيل رؤية قرآنية لحياتنا، وما تقودنا من أحكام، يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في هذا الشأن: (آيات القرآن خزائن العلم، فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر فيها). ومن الجدير بالذكر أن التوقف عن فهم واتباع أحكام القرآن هو في الحقيقة نبذٌ لكتاب الله عز وجل، واختيار لأحد البدائل المستهلكة، يقول الله عز وجل في هذا الشأن: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون).
ومن العوامل التي تساعدنا في خلق ارتباط حكيم مع القرآن استمرارية العلاقة بالقرآن وطلب الحق، فهذان العنصران يخلقان نوعا من الإدمان القرآني وحب الارتقاء والشغف بكشف الحقائق والأنس بعجائب القرآن، فتغدو الجلسة القرآنية روضة من رياض الجنة، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشأن: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
|
|