الاربعين والتعتيم الاعلامي
|
ميثم الثوري
الحضور المليوني والزحف باتجاه كربلاء لم يكن امراً عادياً في ظروف امنية ومناخية قاسية كظروف العراق ،وقضية الاربعين التي نعيش ايامها الخالدة لم تكن تحشداً عبادياً لاتمام شعيرة عبادية محددة ولم يكن حضوراً مذهبياً او طائفياً كما يتوهم المرجفون والمرتجفون بل هي محطة سنوية تشكل رسالة سياسية ودينية يجتمع فيها العراقيون بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم لمبايعة ابي الاحرار والشهداء الذي لم يخرج اشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً انما خرج لطلب الاصلاح في امة جده.
هذا الحضور المليوني الزاحف باتجاه كربلاء المقدسة من كل انحاء العراق والعالم لم يحشده حزب او جهة سياسية ولم تنظمه حكومة او دولة مهما امتلكت من ادواة التحشيد والتعبئة والاستنفار والجميع غير قادرين على تحشيد معشار هذا العدد الزاحف باتجاه كربلاء رغم صعوبة الاجواء الطبيعية والامنية.واصبح واضحاً انه من يريد توظيف هذا الحشد لاغراض انتخابية او حزبية سيحصد نتائج معكوسة فلم ولن يقدر الآخرون مهما امتلكوا من اساليب الدعاية والاعلام من استغلال النهضة الحسينية للاغراض الخاصة حزبية او استقطابية او انتخابية.
والرسالة الكبرى في هذا الحشد هي ان العراقيين الذين يعتقدون بخط ونهج الحسين (ع) قادرون على الزحف المقدس لضرب من يريد اذلالهم واستعبادهم او اعادة المعادلة الطائفية السابقة الى بلادهم واننا قد نتغافل او نتساهل عن كل قصور او تقصير في الخدمات او الأمن ولكننا لم ولن نتسامح او نسمح باعادة المعادلة السابقة بكل نماذجها الى العراق وهي حقبة انتهت بلا ادنى رجعة.والمؤسف في هذا السياق هو التعاطي الاعلامي الآخر مع الحدث الاربعيني بازدواجية ومعايير خاطئة، فلم تشر وسائل الاعلام المولعة باثارة الاجواء عن كل حدث عراقي مهما كان حجمه وتأثيره ولكنها التزمت الصمت المريب في الزحف المليوني باتجاه كربلاء المقدسة.
هذه الملايين الزاحفة في طرق لم تكن خالية من الاخطار والانفجار واجهزة كشف لم تكشف سوى العطور ومسافات طويلة لم يستطع احد تأمينها من الاحزمة الناسفة او العبوات، هذه الملايين ستفرض نفسها بقوة على الاعلام مهما تغاضى او تماهى في تحدياتها وان الامويين والعباسيين والصداميين فشلوا في طمس حقائق الاربعين وسيفشل الاعلام المضاد الذي يقيم الدنيا ولا يقعدها بمجرد انفجار عبوة ناسفة في العراق بينما يتغاضى عن زلزال الاربعين العاصف في كل الدهور والعصور.
|
|