الآثار التربوية لزيارة الإمام الحسين (ع)
|
السيد محمود المسوي
إن للإسلام نظاماً تربوياً خاصاً يصوغ من خلاله شخصية الإنسان ويقوّم مساره في الحياة بما ينسجم مع تعاليم الدين ويحقق غاياته في نفسه وفي المجتمع، فالنظام الذي اتبعه أهل البيت (عليهم السلام) يتوزع على عدة مسارات، فأحياناً توجه رواياتهم الإنسان المؤمن بشكل مباشر نحو الخير والصلاح، وتبيّن له الحقائق وترشده نحو الصواب، وحيناً آخر يتم الإصلاح من خلال خلق الأنموذج في المجتمع وتجسيد المبادئ والقيم عملياً على أرض الواقع، ليراها الناس فيتأسون بها، وذلك عبر فعل المعصوم وتعامله مع الناس ومع ما حوله من أشياء وممارسات، ففعله حجة يستنبط منه الأحكام ويعرف منه الفضائل. ويتم صياغة الشخصية حيناً آخر من خلال النظام العبادي الإسلامي، كالصلاة والحج والدعاء، بوصفها ممارسة عملية، ومع أن العبادات يفترض بها أن تكون نتيجة الإيمان، إلا أنه لا يكتفى بالوصول إليها، فقد تكون العبادات قشرية ودون محتوى، فإن الإلتزام بها من شأنه أن يهذّب النفس ويصيغ الشخصية ويؤثر فيها إيجابياً، وذلك من خلال المضامين التي تحتويها.فنظام العبادات نظام تربوي خاص، يمكن من خلاله أن يرتقي الإنسان، بل وأن يعي مقاصد دينه وتعاليمه، ولا يكون ذلك إلا إذا تفكر فيها الإنسان، لذلك صارت عبادة العارف خيراً من عبادة العابد.
والزيارة كمفردة عبادية تحتوي على السلام والدعاء والتوسل والصلاة، وهي كصلة بين الإنسان وبين إمامه، تندرج ضمن هذا النهج التربوي، فهي مصدر ثرّ في إصلاح الإنسان وفي توجيهه نحو الدين ونحو تعاليمه، وهي ليست خارجة عن ذلك النظام التكاملي وليست مبتورة عن سياقاته التربوية، ومن هنا يمكننا أن نعرف أن أية فكرة يخرج بها الإنسان عن الزيارة خارج هذا الإطار فإنها ليست صحيحة. فهناك انسجام كامل للزيارة مع أفق القرآن الكريم ومع سائر تعاليم النبي (ص) وأهل بيته (عليهم السلام)، فإن أهل البيت عندما وجهوا الناس للإلتزام بزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) فإنما يوجهون إلى قيم الخير وإلى قيم الصلاح وإلى ما فيه صلاح الإنسان وخيره.
|
|