في (دوحة القرآن الكريم) بمدينة سيهات
ندوة نسوية حول (جذور العمل الصالح والآفاق القرآنية)
|
في مقر دوحة القرآن الكريم بمدينة سيهات شرق السعودية، أقامت طالبات مركز البحوث والدراسات القرآنية التابع لمركز دوحة القرآن الكريم ندوتهم الثانية تحت عنوان: (جذور العمل الصالح والآفاق القرآنية) بهدف تعريف المجتمع بالعمل الصالح من خلال المنظور القرآني.
افتتحت الندوة بتلاوة من الذكر الحكيم بصوت الأخت منى الشيخ تبعتها مقدمة الندوة الأستاذة زينب البحراني بعبارات تعريفية للندوة موضحة من خلالها أن لكل إنسان طاقة كامنة هائلة بداخله تزداد بحسب صوت الإرادة لديه، حيث أنه لا يستطيع صقلها إلا بالعمل، و أوضحت البحراني أنه رغم أن الحضارة الإسلامية حظِيت بقدر كبير من أساسيات العلوم وبالاكتفاء أيضاً إلا أن هناك شيئاً واحداً ينقصها لتصبح قوةً عظمى ألا وهو الإيمان والعقيدة الصحيحة الخالصة من الشوائب.
وتحدثت الأستاذة فاطمة السماعيل لتعرِّف معنى العمل الصالح. واستهلت بحثها بالقول: الأعمال بخواتيمها، لكن المتحكم فيها بدايتها. وأضافت: إذن كن ذكياً في اختيار البداية، فالبداية هي سر نجاحك الدائم.
وفي سياق حديثها عرفت الاستاذة السماعيل العمل الصالح بأنه: فطرة الله التي فطر الناس عليها فمن يعمل سيئاً فهو قد شذَّ عن السلوك الطبيعي للفطرة. وانه البيت الذي تبنيه هنا في الدنيا لتسكنه هناك في الآخرة لكن سكنك مؤجل حتى تلقى مفتاحه وهو الموت.
واستعرضت بعدها طريقة القرآن في تحديد مفهوم العمل الصالح من خلال ذكر بعض مصاديقه ونماذجه، وعلى إثرذلك ذكرت قصة النبي نوح وابنه مثلاً، يقول الله تعالى في سورة هود: "و نادى نوحٌ ربه فقال ربي إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غير صالح".
وتابعت السماعيل بحثها بخطوات العمل الصالح المستعرضة في القرآن الكريم :
1-العمل الصالح يبدأ من الاعتقاد: "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً". (الكهف- 110)
2- الاتباع والطاعة للقائد: "و من يقنت منكن لله و رسوله و تعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين" (الأحزاب :31).
3- الحالة النفسية : "إلا الذين صبروا و عملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة" (هود:11)
4- الأمور الصادرة عن الإنسان: "إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه" (فاطر: 10)
5- مقدمات العمل يعدّها القرآن عملاً صالحاً: "إلا من تاب و ءامن و عمل عملاً صالحاً" (الفرقان:70)
وقدمت الأستاذة فاطمة المرشود بحثها في العمل الصالح من حيث محفزاته وأثره على بناء الشخصية، وطرحت فيه مناقشة لثلاثة محاور توضح من خلالها أساليب الترتيب والتحفيز للعمل الصالح في القرآن الحكيم، ولكن لضيق الوقت طرحت المحور الأول فقط وهو: (محفزات العمل الصالح في القرآن)، وأشارت إلى أن درجة إيمان الفرد تؤثر بالدرجة الأولى على قوة العمل الصالح ولأن فطرة الإنسان من النسيان كان من الضروري تجديد الجرعة المحفزة من حين لآخر لذا فإن القرآن استخدم أسلوب التحفيز.
واستوقفت لطرح بعض أساليب التحفيز في القرآن والتي حصرتها في أربعة أنواع :
الحافز الأول: تحريك المؤمن من الداخل نحو العمل الصالح بحيث تتفاعل نفسه ومشاعره مع العمل، موضحة طرحها بالأمثلة القرآنية والواقعية مثل استيفاء الأجر على العمل وزيادة الفضل، قال الله تعالى: "فأما الذين آمنواوعملوا الصالحات سيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله"، او حافز غفران الذنوب قال تعالى:"وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجرعظيم".
الحافز الثاني: محاربة الثقافة المعادية للمؤمنين التي تمنع العمل الصالح، واستشهدت فيه بقول الله تعالى: "لا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشراً مثلنا فأتِ بآية إن كنت من الصادقين قال هذه ناقة الله......" والمقصود بها نصح النبي لقومه بعدم القيام بمثل هذه الأعمال التي تعد فساداً مثل التحدي الذي كان بينهم طلبوه ليس للإيمان بالله بل ليحبطوا النبي، وعلى الرغم من ذلك استجاب لهم ولكنهم اعترضوا وقتلوا الناقة التي كانت لهم آية فانتقم الله من المفسدين، وختم سبحانه الآية "إن ربك العزيز الرحيم" ليُطمئن المؤمنين بأنه رحيم عليهم،عزيز على الكافرين.
الحافز الثالث: خلق روح المنافسة والتسابق والتسارع إلى الأعمال الصالحة،وقدمت فيه الباحثة الفرق بين المنافسة والمسابقة والمسارعة بالمنظور القرآني.
الحافز الرابع: استخدام حافز الجنة ونعيمها، وناقشت فيه: مسميات الجنان. ومنه قوله تعالى: "فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضةٍ يحبرون"، وأوضحت معنى (الروضة) وهي الغرف التي تجري من تحتها الأنهار، والفرق بين الحبور والسرور.
و قدمت بعدها الأستاذة (أحلام الحجاج) لتطرح ضرورات العمل الصالح. وانطلقت بقول الإمام علي: (ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق)، لاحتوائه على دواء لكل داء فيمكن لأي إنسان أن يربي نفسه على المفاهيم والقيم التي يريدها الله وبالتالي يطبقها على أفراد أسرته ومجتمعه.
وخاطبت الحضور بقولها: على الجميع التدبر في القرآن ليعرف القيم التي وردت فيه، ليستطيع أن يجسدها على أرض الواقع والتي منها قيمة العمل الصالح وما يكسبه منه، قال الله تعالى: "من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى فلنحيينهم حياة طيبة" مشيرةً إلى تعدد مواضع استخدام لفظة (طيب) في القرآن واختلاف معناها. وأوضحت بإن آلية هذه الحياة الطيبة ومبدأها هو القناعة في كل شيء يمتلكه الإنسان، عندما سأل الإمام علي عليه السلام ما معنى التأكد منها حياة طيبة؟ فقد فسر الحياة الطيبة بـ(القناعة).
|
|