بيرق المجد
في حق قمر بني هاشم أبي الفضل العباس (ع)
|
محمد طاهر محمد
أنّى يوفّيكَ وصفٌ..، ضلّ من وصفوا فما رأوا لكَ وصفاً إن أتوه وَفوا
لكنْ أتى فضلُه من فيضِ خالقِه يدرُّ جودَ سَحابٍ حفَّه الوَطَفُ
فالفضلُ إن عُدَّ أنواعاً بكَ اجتمعتْ فأنتَ معناهُ إن في نعتهِ اختلفوا
جُد لي بياناً فقد أعيتْ فمي شيمٌ عن شأوِها للورى قالَ الزمانُ: قفوا
فكيف أبلغُ وصفاً أو أفي غرضاً فأنت – مهما وصفتُ – فوقَ ما أصفُ
وجدتُ فيكَ سماءً أعجزتْ قمماً أنّى يحلّق فيها الطائرُ النتفُ
يمّمتُ بحرَكَ صاغَ القلب قاربه من أضلعي ودليلي في الهوى كَلِفُ
فخضتُه ولظى الأنفاسِ ترفعها روحي إليكَ شراعاً هزّه الشغفُ
طفقتُ أُبحرُ في الآلاءِ يبهرني دُرّ المكارمِ عنه شظّي الصدفُ
ورثتَ مجداً تسامى في الزمانِ وما جاراكَ فيه الورى قدماً وما عرفوا
وفقتَ طَوْلاً فأحنى الدهرُ هامته فكلما رامَ نِداً مسَّه الضعفُ
يا ابن الذي شرَّفَ البيت الحرامَ بميلادٍ وفي بيته تستنزلُ الصحفُ
فشعَّ نوراً على الأزمانِ فاقتبست هدياً وشعّت على الدنيا به النجفُ
وابن التي قد نماها المجدُ من قدمٍ بالمجدِ فاقت على ما أورثَ السلفُ
زادت الى مجدها مجداً مذ اقترنتْ بمن ثوى في ثُراهُ الفضل والشرفُ
لو لم يحزها عليٌ لم تجدْ كفؤاً ولم يلقْ لسناها دونه كنفُ
ولم يكن لسواها أن تلدْ قمراً لهاشمٍ فانجلت عن ليلها السُدُفُ
فكنتَ أشرفَ ما استودعت في رحمٍ وكنت أطهرَ ما جادت به النُطَفُ
*********
أبا الوفاءِ..، ومجدٌ صغتَ أحرفه بالسيفِ يمناً به الأمجاد ترتدفُ
فيومه من مدى إيثاره خضِلٌ وعمره من ندى آلائه ورفُ
علِّم به الدهر أجيالاً وأحقبةً إن الوفاءَ ليصغر دونه التلفُ
وخلِّ رايتكَ الحمراءَ خافقةً وقوِّمِ الجيلَ فيها إن طغى الجَنَفُ
وأسرج الشمس من كفيك مطلعها ومن جبينكَ ما يسخو به اللَطَفُ
يتلو الفراتُ فداءً منك قد عجزتْ عنه الخلائقُ..، إجلالاً له تقفُ
حلّأت عنه جيوش البغي مذ خفقت على المدى رايةٌ..، من رفِّها وجفوا
تبدّدوا فرقاً مذ شاهدوا بطلاً إذا رأت ظله الأبطال تنكشفُ
روَّيت من كفِّك الماء الفرات ندىً وأنت في عببٍ من فيضه سهِفُ
وكيف تشرب ُ والاخلاصُ فيك نما إرثاً له السادة الآباءُ قد ألفوا
رميتَ بالماءِ إيثاراً سما أثراً يعلو المآثر عيُّوا عنده الأُنُفُ
ترى حسيناً تلّظى قلبه ظمأً وفي الخيام نساءٌ حوله لُهُفُ
وحولها صبيةٌ خوفاً تلوذ بها فاستنجدت بعليلٍ شفّه الدّنفُ
فقلتَ يا نفس من بعد الحسينِ فلا شربتِ ماءً وأحنى عيشكِ الشَظَفُ
يا نفس دونه موتي لن تري أسفاً إن الحياةَ إذا أودى هي الأسفُ
فأيّ موقفِ عزٍّ بعد موقفه له أنحنى من به هاموا ومن شنفوا
***************
أبا الشجاعةِ..، لولا أنه قدرٌ لأحجموا عنكَ من خوفٍ وما زحفوا
ياابن الأُلى لهم في كل معتركٍ بأسٌ به قدّت الأجسام والزُعُفُ
إذا تصاهلتِ الأجيادُ عندهمُ بنغمةِ السيف في سوحِ الوغى عزفوا
إنماكَ للحربِ أمضاها إن استعرت لظى الوطيسِ سَرَتْ من سيفه الذُعُفُ
لكن ربك أمضى في القضاءِ بأن تحظى بزلفى لها قد دانتِ الزُلَفُ
هويتَ للأرضِ ظمآناً وأنت حياً ومنكَ نهر عطاءٍ قد جرى الجَدَفُ
يدنو النخيل الى كفيك يلثمها وراح يحنو بحزنٍ فوقكَ السعفُ
فأيّ موتٍ له للحشر واقعةٌ وأيّ حزنٍ له كل الورى هتفوا
***********
ماذا دهى الشمسَ إذ لم تنحنِ أسفاً وكيف لم تنكسف من هول ما اقترفوا
وكيف لم تتناثر في المدى حِمماً وكيف لم تتهاوَ فوقها السُقُفُ
ماذا دهاها ترى كفين لو وقعا على الجبالِ لمادتْ وهي ترتجفُ
كفٌ لحملِ لواءِ اللهِ ترفعه وكف ظمآنَ منها النهرُ يرتشفُ
ترى بعينِ القضاعينَ الندى انطفأت ورايةٌ ودماءٌ حولها نُزُفُ
ترى سليلَ الوغى أضحى بمشرعةٍ ملقىً ومن حوله الأملاكُ تعتكفُ
تسقي لظاها دماءً..، وحيُ عاصفها في الدهر ظلَّ مع الأجيالِ يعترفُ
يترى صداها على الأجيالِ يلهمها درساً فيتقنه عن والدٍ خَلَفُ
توارثوها مع الأزمان ملحمةً للحشر رائعة الأمجادِ تتّصفُ
تجري على كل جيلٍ من أضالعه نبضاً تفيضُ على آلائها الشغفُ
وتستفيقُ على نورٍ يؤججها درسُ الوفاءِ من العباسِ تقتطفُ
ليثٌ أبان بأرض الطفِ غضبتَه فحيثُ ما مالَ كان الموتُ ينعطفُ
فيحملُ الماءَ حيث الماءُ في يدهِ يهفو الى ثغرهِ يُنأى فيزدلفُ
أراقدٌ..، وله الأفلاك قد وقفت أظامئٌ..، منه هذا الكونُ يغترفُ
فالأرض قد قبّلت كفّين في جللٍ والمجدُ في بيرقِ العباسِ يلتحفُ
|
|