قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

انتخاباتهم وانتخـ"يباتنا" ! .. ليتنا نتعلم
محمد ناجي
مرارة شديدة أحسست بها وأنا أتابع برامج واخبار عن الانتخابات البريطانية، المقارنة غير واردة أصلا بين الانتخابات عندهم وما يطلق عليه انتخابات عندنا. أسئلة تبدو عندنا منطقية لكنها عندهم لا محل لها من الإعراب مثل: هل ستذهب للإدلاء بصوتك؟ لماذا أنت حريص على الإدلاء بصوتك؟ هل تعتقد أن الانتخابات سوف تكون نزيهة؟ كل هذه أشياء بديهية عندهم لا تحتاج حتى إلى مجرد التفكير بل إنها تثير السخرية لديهم. من تابع نتائج الانتخابات البريطانية، وتابع تصريحات الفائزين والخاسرين وتصريحات رؤساء الاحزاب الرئيسة، العمال والمحافظين والليبراليين، لم يفاجأ عندما لم يسمع او يقرأ أي شتيمة او تهديد .. لم يفز أي من الاحزاب بأغلبية مطلقة، وجرت مناورات وراء الكواليس لتحالف لتشكيل حكومة بالتآلف، وتم انتخاب 650 نائبا برلمانيا، والشكوى الوحيدة التي سمعناها كانت ان هناك مراكز انتخابية اغلقت ابوابها في العاشرة مساء رغم وجود طوابير ناخبين، ولكن القانون قانون وكل ما وعدت به ادارة الانتخابات هو التحقيق في الامر بهدوء.
عندنا بمجرد اعلان النتائج، بل و قبل اعلانها نهائيا، تبدأ تصريحات التهديد والوعيد والابتزاز، والقضايا في المحاكم والطعون، في فائز او آخر او في النتيجة بأكملها، او حتى في لجان الفرز..
برلمان بريطانيا بلا أغلبية حزبية يمر في احرج اللحظات تاريخياً، ومع هذا لم يصدر من اي نائب اي كلمة نابية او تهديد.. البريطانيون الذين تعودوا على حكومة عمالية او حكومة محافظين، لم يخطر ببالهم حكومة تآلف، ومع ذلك "كلٍ ماشي بطريقه".. انتخاب 650 نائبا وبمملكة بهذا الحجم والاهمية، مر بهدوء، ونحن بانتخاب نصف هذا العدد "تنعفس" الدنيا وتبدأ المعارك والشتائم والتشكيك في حفلة لا تنتهي..
أحزنني حتى أن أنظر إليهم بانبهار وأن ألتمس الحكمة لديهم مع أن الأصل أننا نمتلك من الدين، التاريخ، والحضارة، ما يجعلنا قدوة لهم... !؟. ما أصدق كلام الشاعر فاروق جويدة:
قد عشت أسأل أين وجه بلادي؟ / أين النخيل؟ وأين دفء الوادي؟ / لا شيء يبدو فى السماء أمامنا / غير الظلام وصورة الجلاد/ هو لا يغيب عن العيون كأنه/ قدر كيوم البعث والميلاد..