قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
دعا الساسة والائتلافات الى" حلّ وسط " وصيغة "لا غالب ولا مغلوب" وتنازلات متبادلة
المرجع المُدرّسي"دام ظله": عدم الاحتكام الى "الوسطية" و"القيمية" يهدد الشعب بـ"أزمة هوية"
الهدى/ علي التميمي:
دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرّسي "دام ظله" الى ضرورة الانتباه الى وجود "ازمة سياسية" في البلاد بعد الانتخابات الاخيرة، محذرا بإنها يُخشى من أن تتطور فتدخل البلاد والشعب في نفق " أزمة هوية". وحث سماحته الساسة والمعنيين، الى المسارعة الى علاج هذه الازمة السياسية بالعدل والوسطية، بعيدا عن التطرف في المواقف والآراء، وعبر الاحتكام الى قيم الدين، والدستور، وتقديم الاطراف بعض التنازلات عن بعض مايراه كل منهم مصلحته وحقه الخاص، لصالح المصلحة العامة للبلاد والشعب. وأكد على أنه ومن أجل المصلحة العامة لابد من تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، القائمة على الوسيطة والقواسم المشتركة. جاء ذلك في كلمة سماحته الاسبوعية، التي بثتها، مساء الأحد، فضائية أهل البيت(ع). وفي سياق تفسيره لأية قرأنية كريمة، هي قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"، اوضح سماحته أن هذه الهوية التي يوضحها القرآن الكريم وقيم الاسلام، والتي يجب أن تكون بالنسبة للامة الاسلامية، ومنها العراق، هي "الوسطية والاعتدال والعدل" .
واشار سماحته في حديثه، الى الاوضاع في البلاد، بالقول : " مع الأسف الشديد إن الحوادث الأخيرة التي جرت في العراق بعد الانتخابات تنذر بوجود أزمة "، واشار الى أنها اذا لم تعالج بحكمة، قد تتطور و "يُخشي أن تُدخل البلاد والشعب والتيارات السياسية في هذا الشعب والطوائف المختلفة، في نفق في أزمة هوية، فيُخشى ان يكون هناك اكثر من عراق، عراق الجنوب وعراق الشمال، وعراق الوسط، و عراق هذه المحافظة و تلك، و هذه الطائفة وتلك و هذا العرِق وذلك، وهذا معناه ازمة هوية، و معناه أننا لا نتحاكم الى القيم التي نملكها الآن بحمد الله وبفضل الاسلام .. ولكننا نجد اليوم أن هذا الشعب او هذه الاحزاب لا تستطيع أن تعالج مشكلة ما بعد الانتخابات، وقد ضيعنا شهرين وأكثر حتى الأن، لماذا؟..". وتسائل سماحته في جانب من كلمته "هل يفكر أحد بانه يمكن أن يستفرد بحكم العراق وأن يعيد العراق الى ما قبل سقوط الطاغية ؟ فإذا كان هناك من يفكر هكذا فلا بد أن تكون هناك مشكلة في منهجية تفكيره ولا يعرف ألف باء السياسة، وإذا كان الأمر ليس هكذا فلماذا نسوف وننتظر؟". واضاف :" نحن ندعو في الحقيقة الى ان نفكر ملياً في واقعنا، هل نحن جديرون بأن نحكم أنفسنا بأنفسنا من دون تدخل خارجي؟ هل نحن جديرون بأن لا يعتمد كل منا على دول الجوار او دولة عالمية ويستقوي بها ضد صاحبه وابناء شعبه؟ هل نحن جديرون بأن نحضى بالديمقراطية والحرية وحكم القانون وحكم الدين؟ أم لا؟، لماذا كل يريد أن يستحوذ على المزيد بحق أو غير حق، فهذه الأزمة لابد أن تعالج، فمعناها أننا لا نريد ان نتحاكم الى الدين او القيم او القانون او الدستور، فلماذا التأخير في تشكيل الحكومة ولماذا وضعنا الدستور اساساً؟ ".
وقال سماحته أيضا بإنه لابد من معرفة أن "الحكومة في العراق لن تكون حكومة من جهة واحدة أو من جهات معينة، فلا بد أن تكون هناك شراكة وطنية، ولكن من أجل ان تكون هناك شراكة وطنية لا بد أن يكون هناك حالة وسط، بمعنى كل يتنازل عن بعض طموحاته وتطلعاته الخاصة بطائفته او مجموعته وائتلافه او قائمته، من أجل المصلحة العامة، إما إذا وقف كل طرف على صخرة معينة وقال للآخرين تعالوا لي فمعنى ذلك إننا نعيش أزمة، وإذا كان السياسيون وهم قادة الشعب وهم الذين ترمق اليهم انظار الشعب اليوم لا يستطيعوا أن يعالجوا مشاكلهم وخلافاتهم وصراعاتهم واختلافات رؤائهم، سواء تحت قبة البرلمان أو في المحكمة الدستورية أو في الجلسات الخاصة، فلا يعتبوا غدا على الشعب العراقي إذا تمزق..". واكد سماحته في هذا السياق على أن هولاء القادة القادة يجب أن يهتموا بالشعب و ان يكونوا "مثالاً في التضحية والعطاء والتنازل حتى عن بعض الحق من أجل المستقبل". وأضاف " إنني أدعو وبكل صراحة و وتواضع كل أخواني أن يبحثوا عن حل وسط، حل لا غالب ولا مغلوب، ولا أعتقد أن أخواننا السياسيين وقيادات الشعب العراقي اليوم تنقصهم القريحة والمقدرة على كشف القواسم المشتركة والنقطة الوسطى التي يمكن ان تجمعهم جميعاً، وإلا فبصراحة فإنه شيئاً فشيئاً ستهبط هذه الحالة التي تتموضع الآن داخل الأطر السياسية الى الأرض، فتنخر أولاً في نفس هذه الاطر السياسية و الائتلافات، ومن ثم في الشعب ـ مادام الأمر لا يعني الكبارـ ومن ثم تسبب في نشر فكرة الانتماءات المصلحية الضيقة ..".وقال أيضا أن "على علماء الدين وأهل البصائر والمثقفين والناس الذين تنبض قلوبهم بحب الشعب العراقي أن يفكروا ملياً بالأمر". كما اشار سماحته بهذا الخصوص الى دول الجوار، بالقول أن " على دول الجوار وعلى الذين لديهم مصالح، أقول أن مصالحكم في العراق إنما تؤمن مع وحدة العراق واستقراره فلا تدفعوه نحو التمزق والاختلاف، فلا سمح الله إذا اهتزت الوحدة في العراق فإن دول الجوار لا تبقى بمنأى عن المشاكل..". وختم سماحته بالدعاء الى الله تعالى أن يوفق الجميع للقيام "بدور أساسي في لملمة الجراح، والتوجه الى الأمام ورسم سياسة واضحة المعالم لكي نوحد انفسنا ضمنها ونعود الى قيمنا و اخلاقياتنا وديننا وتعزيز وحدتنا لأن يد الله مع الجماعة..".
( تفاصيل أكثر ص6 )