التنمية بتغيير السلوك السلبي
|
حسن الموسوي
ما ان يصل الفرد الى دولة اخرى، حتى ينتابه شعور نفسي مزدوج بين الرغبة في التغيير والتجديد، والحنين والعودة الى الوطن. وغالبا ما يكون هذا الشعور الشقي او الشعور المزدوج صعبا على الفرد، تسيطر عليه حالة من القلق نتيجة للصراع الداخلي بين العودة أو الاستمرار في الرحلة.
ولا شك في ان الفرد في داخله وفي العقل اللاواعي تحديدا، يقوم بعملية مقارنة بين ما هو موجود في بلده، وما هو موجود في البلد الآخر، فيجد هناك ايجابيات وسلبيات في البلد الذي يزوره، كما هو موجود في بلده، وهذا امر طبيعي الا انه في النهاية يمني النفس بان يرى بعض السلوكيات التي يجدها هناك تكون سائدة في بلاده مثل:
- الالتزام بالنظام والمواظبة التي جبلوا عليها ونقلوها الى ابنائهم، والتي مع الاسف كثيرا ما نفتقدها في بلادنا، حيث الفوضى وعدم الالتزام واللامسؤولية هي السائدة في كثير من امور حياتنا، وللاسف فإن هذه الفوضى وعدم المسؤولية منتشرة في مؤسسات الدولة التي يراها وتعامل معها المواطن الذي يجد نفسه في اغلب الاحيان (وإن بغير رضى ورغبة منه) مصظرا الى سلوك ذات النهج والطريق..!؟
- الاداء والعطاء اللامتناهي، حيث نجدهم يعملون على مدار الساعة، يعملون بلا كلل ولا ملل ملتزمين بكمية ونوعية العمل، في حين ان عدد ساعات العمل عندنا لا يتجاوز الدقائق مع مستوى متدن من الاداء، من اعلى السلطة الى ادنى الدرجات الوظيفية، وهكذا الحال (في الغالب) في عموم المجتمع.
- الاهتمام بالنظافة العامة ونظافة الشوارع والطرق بعكس ما هو موجود عندنا من تراكم الاوساخ والنفايات في كل شارع، وعدم المراقبة والمتابعة.
- الالتزام بروح العمل، حيث ان العمل جزء لا يتجزأ من حياتهم، بل يكاد يكون شيئا مقدسا، يعملون بصمت ، في حين ان ما هو موجود عندنا عكس ذلك، حيث ساعات العمل تشغل في الكلام الفاضي والمليان، والشعور بعدم الرضا والتوافق مع العمل ، هذا للمسؤولين والموظفين والعاملين ، فكيف الحال بالنسبة لجيش من العاطلين ؟..
واذا كنا نملك الآن الرغبة الحقيقية في التنمية والنهوض بمجتمعنا، فعلينا ان ننطلق من مرتكزات عديدة، اهمها ادراكنا التام بانه ليس المال وحده قادر على الاسهام في التنمية، بل تغيير السلوك السلبي السائد لدينا، وتفعيل الطاقة البشرية الى عملية استثمارية تساهم بفاعلية في تحقيق التنمية واستمراريتها، ان تبنى الشخصية على قاعدة متينة من التحمل للمسؤولية والاعتماد على الذات. ان التنمية الحقيقية تحتاج الى استخدام الكوادر والمهارات والكفاءات الوطنية في بناء المجتمع، وكذلك المرحلة القادمة بحاجة الى ان يتحمل كل منا مسؤولياته الكاملة في النهوض بالمجتمع، ورفد الجهود التنموية بمبادرات تنفيذية بناءة تنطلق من فهم عميق للواقع ومتطلبات النهوض به.
|
|