قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

لتنجح.. حاول أكثر من مرة
* د. علي الحمادي*
من مستلزمات صناعة التأثير أن يسعى الإنسان لتحقيق رؤيته، وأن يحاول بقوة الوصول إلى أهدافه وطموحاته مرة تلو أخرى، ولا يركن إلى الكسل أو يتراجع عند أول محاولة فاشلة، وفي هذا يقول إديسون: ليس هناك ما يثبط همتي، فاستبعاد كل محاولة خاطئة ليس سوى خطوة إلى الأمام.
وقد مدح القرآن الكريم العاملين المثابَرين المجاهدين، قال تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت/ 69)، فهؤلاء حاولوا وبذلوا وتحملوا المشقة والعنت حتى حققوا مرادهم، إما بتمكينهم في الدنيا أو بالفوز العظيم في الآخرة.
وحينما اشتد أذى الكفار على رسول الله (ص)، وبلغ ذلك منهم مبلغاً عظيماً، وأصبحت حياة الدعوة أمام تحدٍ كبير، نزل القرآن ليؤكد للنبي (ص) ضرورة الاستمرار وعم التراجع أو الانتكاس، قال تعالى: "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" (الحجر/ 97-99).
وصدق إبن نباتة يرحمه الله إذ يقول:
حاول جَسيمات الأمور ولا تقل إن المحامد والعُلا أرزاقُ
وارغب بنفسك أن تكون مقصّراً عن غاية فيها الطّلاب سباقُ
ويقول الأندلسي: إن نقطة الماء المستمرة تحفر عمق الصخرة.
ويقول (روبرت جورفيتا) الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات العالمية: ربما تفشل إذا خاطرت، ولكن من الأكيد أنك ستفشل إذا لم تخاطر، وأعظم مخاطرة هي ألا تفعل شيئاً.
وقال بعضهم: الناجحون لا يقلعون عن المحاولة، والمقلعون عن المحاولة لا ينجحون.
وقد أفلس (هنري فورد) خمس مرات قبل ان ينجح، وأفلس (والت ديزني) ست مرات قبل بنائه لمدينة ديزني لاند الشهيرة.
وقد أعجبتني الترجمة الشعبية غير الرسمية لشركة (IBM) التي كان موظفوها يتناقلونها فيما بينهم وهي (I Will be Moving) أي: إنني سأتقدم باستمرار.
وقد سُئل (نابليون): كيف استطعت أن تمنح الثقة في أفراد جيشك؟ فقال: كنت أرد بثلاث، مَن قال: لا أقدر، قلت له: حاول، ومَن قال: لا أعرف، قلت له: تعلّم، ومَن قال: مستحيل، قلت له: جرب.
وقام (إديسون) بـ(1800) محاولة فاشلة لاختراع المصباح الكهربائي حتى نجح في نهاية المطاف، وما زال العالم منذ أكثر من قرن من الزمان وهو ينعم بهذا الإنجاز الذي لم يكن ليظهر لو لا المحاولة تلو المحاولة التجربة تلو الأخرى.
و خسر (بيل جيتس) رئيس شركة (مايكروسوفت) العملاقة لأجهزة الحاسوب سبعة عشر مليارد دولار في يوم واحد، لكنه لم ينهزم أو يستسلم وإنما استمر في محاولته حتى أعاد ما كان عليه من قوة ومكانة وثراء.
تأمّل معي عزيزي القارئ قصة (إبراهام لنكولن) أحد أشهر رؤساء الولايات المتحدة، وكيف أنه لم يستسلم للفشل، وكانت سلسلة احباطاته قبل الوصول ا لى القمة كما يلي:
- فشل في عمله سنة 1832م.
- هُزم في الانتخابات التشريعية للكونجرس سنة 1832م.
- فشل مرة أخرى في عمله سنة 1834م.
- أصابه انهيار عصبي سنة 1836م.
- فشل مرة أخرى في الانتخابات التشريعية سنة 1838م.
- فشل في انتخابات مجلس الشيوخ سنة (1843م.
- فشل مرة أخرى في انتخابات مجلس الشيوخ سنة 1846م.
- فشل مرة ثالثة في انتخابات مجلس الشيوخ سنة 1847م.
- فشل كذلك في انتخابات مجلس النواب سنة 1855م.
- فشل في الفوز بمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1856م.
- فشل مرة أخرى في انتخابات مجالس النواب سنة 1958م.
وبعد كل هذا العناء والجهد المتواصل والإصرار على بلوغه هدفه؛ انتُخب (إبراهام لنكولن) رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية عندما بلغ الستين من عمره، وقال: (إنك لن تفشل إلا إذا انسحبت)!
يذكر إن هذا التحدي والاصرار على تحقيق طموحاته ومبادئه لم يتوقف مع تسنمه رئاسة الولايات المتحدة، بل استمر مع أيام حكمه، وذلك من خلال مواجهته بعنف لظاهرة الرق والعبيد في امريكا، وله الفضل المشهود في بداية الكفاح والنضال لتحرير السود الى الابد من العبودية في امريكا، مع علمه بمخاطر هذا التوجه وتضاربه مع مصالح الكثير من المتنفذين، فكان الثمن باهضاً ومتوقعاً، حيث أطلق أحد العنصريين النار من مسدسه على رأسه خلال احتفال وطني وارداه قتيلاً في الحال.
*من موقع (البلاغ)
7