قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

حب اهل البيت.. والمدينة الفاضلة
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *مصطفى عبد الحسين
ليس هناك شيء ينتفع فيه الإنسان في دار الدنيا ودار الآخرة مثل حبه للرسول وآله (صلوات الله عليهم)، فهذا الحب ينفع الإنسان في مواضع يقلّ فيها الناصر والمعين.
في المواضع التي يشعر فيها الإنسان وكأنه قد خلق وحيداً فريداً عاجزاً حيث لا صديق ولا معين وإنما هي جرعات من الحزن والألم، ومنها الجرعة الأولى وهي جرعة الموت، حيث لابد أن يتجرع طعمها المرّ غصة بعد غصة، والألم يمزق بدنه تمزيقا. في ذلك الوقت وفي تلك الساعة المريرة يكتشف الإنسان المؤمن قيمة حبه للنبي وآله، حيث أنهم سيستقبلونه بالترحاب مما يخفف عنه الآلام والأحزان ويسهل عليه الانتقال إلى دار البقاء.
لذا فان الحب الوحيد الذي يبقى مع الإنسان هو حبه للنبي وآله (صلوات الله عليهم)، فهذا هو الحب هو الذي ينتفع به الإنسان في كل وقت وفي كل حين، بينما سائر المحبوبين في الدنيا فهم يؤلون الى الزوال بمجرد انفصاله عن دار الدنيا.
وحب النبي وآله (عليهم السلام) هو أيضاً دلالة على إيمان المرء بالله. فمن كان مصلياً وصائماً وعابداً ولم يكن محباً للنبي وآله فهو ليس بمؤمن كما في أحاديث السنة والشيعة فقد جاء في كنز العمال: (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهلي أحبّ إليه من أهله وعترتي أحبّ إليه من عترته، وذريتي أحبّ إليه من ذريته)، ونفس الحديث موجود في البحار: (أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبّوني لحب الله عزوجل، وأحبوا أهل بيتي لحبي). بحارالانوار، ج6-7، ص14.
حتى وإن افترضنا بأن الناس لايعرفون ما قدمه أهل بيت النبوة للاسلام من حفظ القرآن وحفظ الدين من الضياع وغير ذلك، فإنهم لابد أن يحبونهم بسبب حب رسول الله (ص) لهم، فإذا كانوا صادقين فيما يقولون بحبهم لرسول الله (ص) فعليهم أيضاً أن يحبوا أهل بيته، لأنك تحب الرجل وتحب من يحبهم، أما من يقول أنا أحب رسول الله (ص) ولا أحب عترته (ع) فهو كاذب لأن من يحب رسول الله (ص) لابد وأن يحب عترته (ع) لأن حبهما لاينفصلان أبداً.
وقد أوضح رسول الله (ص) سبب بغض بعض المسلمين لأهل بيته حيث قال في حديث شريف: (من لم يحب عترتي فهو لإحدى ثلاث: إما منافق، وإما لزنية، وإما امرءٌ حملت به أمه في غير طهر). تفسير نور الثقلين، ج4، ص576.
وفي حديث آخر عن النبي الأعظم (ص) قال: من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم، قيل: وما أول النعم؟ قال: طيب الولادة، ولايحبنا إلا من طابت ولادته. مشكاة الأنوار، ص81.
ولاشك أن المسلمين اليوم قاطبة إلا من شذّ وندر من محبي النبي وآل بيته عليهم صلوات الله، ويجب أن نبرع نحن المسلمين في إبراز هذه الخاصية في إعلامنا وبين مجتمعنا وفي كل مكان مقابل أولئك الذين يعملون على تفريق المسلمين ويبحثون عن مواطن الخلاف وينسون نقاط الإشتراك التي هي لاتعد ولاتحصى.
إن حبّ النبي وآل بيته (صلوات الله عليهم) يمكن أن يكون الرباط الوثيق والمقدس الذي يشدّ أواصر الوحدة الإسلامية ومنع وقوع الفتن وقد جاء في حديث عن النبي الاعظم (ص) قوله: (الأئمة من ولد الحسين هم العروة الوثقى، وهم الوسيلة إلى الله تعالى) نورالثقلين، ج1، ص263.
ونحن اليوم بأشد الحاجة إلى رص الصفوف بين المسلمين، ومنع المنافقين والكفار من العبث بمصيرنا من خلال الطرق على موضوعات خلافية هي غير نافعة للشيعة ولا للسنة، ومن ذلك ما يفعله التكفيريون المتشددون أصحاب المدرسة الوهابية الذين يروجون دوماً إلى مقولة أن (الشيعة يسبون الصحابة) فهذه القضية التي لا أصل لها من الدين أو المذهب يحاولون أن يلصقوها بالشيعة من أجل احداث التفرقة بين المسلمين، نحن هنا لاننفي الخلاف الذي وقع بين أهل البيت (صلوات الله عليهم) وبين عدد من الصحابة، لكن بشكل عام فإن الشيعة يجلّون الصحابة ويحترمونهم، إذن يجب أن لانسمح للكفار والمنافقين من المتشددين الذين يدعّون الإسلام، أن يمزقوا صفوف المسلمين من خلال التفرقة فيما بينهم.
فحب النبي وآل بيته (صلوات الله عليهم) يمكن أن يكون الشفاء لمرض هذه الأمة التي تعاني من التمزق والتشرذم وقد ورد في الأحاديث الشريفة أن حبهم يجلب الخير للمسلمين في الدنيا قبل الآخرة وقال النبي الأعظم (ص): (من رزقه الله حب الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة، فلا يشكّن أنه في الجنّة، وإنّ من حب أهل بيتي عشرين خصلة، عشر في الدنيا، وعشر في الآخرة..) مشكاة الأنوار، ص81. وفي حديث آخر فصّل رسول الله (ص) بعض تلك المواضع التي ينتفع فيها الإنسان المؤمن في الآخرة بحب النبي وآل بيته حيث قال: (حبّي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط). بحارالانوار، ج7، ص247).
إن حب النبي وآل بيته عليهم صلوات الله هوصك بل من أهم الصكوك التي يأخذها الإنسان من دنياه إلى آخرته، فأنت هناك لاتملك مالاً أو تجارة حتى تعوض عن الخسائر الفادحة التي لحقت بك ولأنك تملك ما هو أعظم من جميع أموال الدنيا، فكلما سألوك عن خسارة أوضريبة يجب أن تدفعها تخرج لهم صك الولاية وحب النبي وآله (ص) فيسهلون لك العبور من تلك المواقف الصعبة التي لايتجاوزها إلا المخلصين.
لكن الحب وحده غير كافٍ إذا لم يرافقه العمل، وفي وصايا الإمام الباقر (عليه السلام) لجابر بن عبد الله الجعفي قال له: (يا جابر إبلغ شيعتي عني السلام وأعلمهم أنه لاقرابة بيننا وبين الله عزوجل، ولايتقرب إليه إلا بالطاعة.. يا جابر: من أطاع الله وأحبنا فهو ولينا ومن عصى الله لم ينفعه حبنا). بحارالانوار، ج71، ص179. وعن عمربن خالد عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): (والله ما معنا من الله براءة ولابيننا وبين الله قرابة، ولاننا على الله حجة، ولانتقرب إلى الله، إلا بالطاعة، فمن كان منكم مطيعاً لله تنفعه ولايتنا، ومن كان منكم عاصياً لله لم تنفعه ولايتنا، ويحكم لاتغتروا.. ويحكم لاتغتروا)! وسائل الشيعة، ج11، ص185.