تحت الضوء
عيد الولاية
|
*محمد علي جواد تقي
في الأعياد يبحث الجميع بدافع الفطرة عن مظاهر البهجة وأجواء الفرح والسرور، ففي عيد الفطر يفرح الصائمون بأدائهم فريضة الصيام في شهر رمضان المبارك، وفي عيد الاضحى يفرح حجاج بيت الله الحرام في منى بأدائهم مناسك الحج، كما يفرح لفرحهم جميع المسلمين في أرجاء المعمورة، هذه الفرحة والأجواء البهيجة تدخل القلوب والنفوس كنسمة باردة ثم لا تلبث طويلاً أن تزول مع انقضاء أيام العيد، ليواصل الناس حياتهم الطبيعية واليومية، لكن هنالك فرحة وبهجة لا تزول.. فهي تهبط على النفوس والقلوب و تقرع أجراسها للتنبيه بالذكرى السنوية لها، بيد إن آثارها تبقى على الأرض والواقع الذي يعيشه الناس، تماماً كالغيث المنهمر على الارض الظمأى فتحيلها واحة خضراء وأرض معطاءة وغنية بما ينفع الناس.. إنه عيد الولاية، عيد الغدير الأغر.
يذكر المحدث الكبير الشيخ عباس القمي (طاب ثراه) في (مفاتيح الجنان) خاصية لهذا العيد دون العيدين المعروفين – الفطر والأضحى المباركين- وهي أن يكون المؤمن ضاحكاً مستبشراً بوجه إخوانه في صباح الثامن عشر من شهر ذي الحجة، طبعاً نحن نبحث عن الداعي لهذا السلوك دون المناسبة التي مرت علينا منذ أيام، فالتأكيد وارد على لسان الأئمة الأطهار بان المؤمنين يتبادلون التهاني والتبريكات على نعمة الولاية التي منّها الله تعالى على المسلمين.. " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا" (سورة المائدة/ 3).
وفي هذه الأيام والظروف التي يعيشها المسلمون لاسيما ابناء شعبنا في العراق، يمكن الاستشعار بهذه النعمة الإلهية العظيمة بكامل حواسنا، ونحن نرى الاخفاقات الواحدة تلو الأخرى لأفكار وتيارات ومسارات ومشاريع كلها ادعت خدمة الانسان وصيانة حقوقه، لأنها ببساطة تعجز اليوم عن صيانة المصالح الشخصية والاهداف الحزبية، فكيف تتفرغ لتحقيق طموحات الناس وتلبية حاجاتهم؟ حتى بات الحديث عن الاختلاس أمراً مألوفاً، بل حتى مفروغاً منه، فالناس وعبر وسائل الاعلام يصرحون علانيةً أن لا مانع من تربع المسؤول على الكرسي وأن يقبض الملايين تحت عنوان المكافأة على عمله، لكن الرجاء هو أن يكمل المشروع الفلاني... أو ينهي العمل الفلاني...! والمصيبة الأعظم أن الناس لم يجدوا حيلة في التجاوز عن الأخطاء الرهيبة للمسؤولين حتى وإن كانت مع علم مسبق أو سبق أصرار، وليس مجرد هفوة أو خطأ عابر، فتصدر قرارات وتُشرّع قوانين ثم تُنقض أو تتغير بجرة قلم من مسؤول يعد نفسه منتخباً من قبل الشعب تحت ظل (عملية ديمقراطية)، والناس يقفون حيارى أمام هذا المسؤول وذاك، فمن الذي يصدق ومن الذي يكذب ؟! ومن الأقوى؟ و...
ولا بأس أن نذكر مسؤولينا المنتخبين ديمقراطياً، بانهم إنما يتربعون على مناصب قاتل مسؤولو النظام البائد من أجلها من أجل (الولاء)، وهو المفهوم الذي نتلفظه بـ(الولاية)، فالمشكلة الرئيسة التي دار حولها الصراع بين صدام ومعارضيه، هو (الولاء)، فقد أراد الأخير أن يكون الولاء للحزب وما يحمل من أفكار بغض النظر عن سقمها وأخطائها ومخاطرها، فيما كانت المعارضة ترفع لواء (الولاء للدين).
ونحن نتطلع الى ذلك اليوم الذي يستشعر المسؤولون كما استشعر الناس، بحلاوة نعمة الولاية العلوية التي ترافق الانسان طيلة سني حياته وتضمن له سعادة الحياة الأبدية.
|
|