قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

قوموا تصحوا... اسرار قيام الليل
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة * ياسر الربيعي
تمر في شهر رمضان ليالٍ عظيمة، وبخاصة ليالي القدر الجليلة ـ نسأل الله أن يبلغنا فضلها ـ والتي هـي مدرسة قيام الليل، وهي مدرسة العظماء، والأصفياء، التي تخرج فيها صفوة الصفوة من الأوّلين، والآخرين، وقد علم العارفون أنَّ قيام الليـل مدرسة المخلصيـن، ومضمار السابقين، وأنّ الله تعالى إنما يخصّ القائمين بعطاياه، فيصيب بها من تعرض لها بالقيام، ويحرم منـها الغافلون و النيام، ولهذا لاتجد أصح أجساداً من قوَّام الليل، ولا أسعد نفوسـا، ولا أنور وجوها، ولا أعظم بركة في أقوالهم وأعمالهم وأعمارهم وآثارهم على الناس.
وفي إحياء ليالي القدر، الفضل الكثير على المستوى الأخروي فضلاً على المستوى الدنيوي والذي منه ان ينعم من يقوم الليل بصورة عامة وليلة القدر بصورة خاصة بالصحة والعافية، يقول سماحة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي في تفسيره: (من هنا يجتهد المؤمنون في هذه الليلة لبلوغ هذه الأمنية وهي العتق من نار جهنم، ويقولون بعد أن ينشروا المصحف أمامهم: "اللهم إني أسألك بكتابك المنـزل وما فيه، وفيه اسمك الأكبر، وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى أن تجعلني من عتقائك من النار"، وكذلك يقدر للإنسان العافية فيها، وإتمام نعم الله عليه، وقد سأل أحدهم النبي صلى الله عليه وآله: أي شيء يطلبه من الله في هذه الليلة فأجابه - حسب الرواية - " العافية").
ثم يتابع سماحته بالقول: (وفي هذه الليلة يقدر الله الرزق لعباده، وهو جزء من السلام والأمن، وعلى الإنسان أن يطلب منه سبحانه التوسعة في رزقه، كما يقدر الأمن والعافية والصحة والذرية، وكلها من شروط السلام).
العلم الحديث وقيام الليل
جاء في كتاب (الوصفات المنزلية المجربة وأسرار الشفاء الطبيعية) وهو كتاب بالإنكليزية لمجموعة من المؤلفين الأمريكيين، أن القيام من الفراش أثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل والقيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة، و تدليك الأطراف بالماء، والتنفس بعمق له فوائد صحية عديدة، والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماماً حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل، وقد سبق النبي (ص) كل هذه الأبحاث في الإشارة المعجزة إلى قيام الليل فقال: (عليكم بقيام الليل، فانه دأب الصالحين قبلكم، و قربة إلى الله عز و جل، و منهاة عن الإثم، و تكفير للسيئات، و مطردة للداء من الجسد).
وعن كيفية قيام الليل بطرد الداء من الجسد فقد ثبت الآتي: يؤدي قيام الليل إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزون وهو الكورتيزون الطبيعي للجسد خصوصاً قبل الاستيقاظ بعدة ساعات، وهو ما يتوافق زمنياً مع وقت السحر (الثلث الأخير من الليل)، مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوي سكر الدم، والذي يشكل خطورة علي مرضي السكر، و يقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم، ويقي من السكتة الدماغية والأزمات القلبية في المرضى المعرضين لذلك، كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي، الذي يحدث نتيجة لبطء سريان الدم في أثناء النوم، وزيادة لزوجة الدم بسبب قلة تناول السوائل، أو زيادة فقدانها.
وكل ذلك يمكن ان نستفيد منه في هذا الشهر العظيم بقيام الليل، وبخاصة في ليالي القدر العظيمة التي اتصفت بنزول الرحمة فيها والسعة والرزق فضلا عن الصحة والعافية، وبخاصة ان فيها من الادعية والصلاة الخاصة بها، فتكون دافعاً لأداء المناسك العبادية المسنونة، ومن هنا فإن قيام الليل ينشط الذاكرة وينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءه و تدبر للقرآن و ذكر للأدعية فيقي من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والاكتئاب.
وبعد ذلك عزيزي القارئ، نجد إن في اعمال شهر رمضان المبارك الفوائد المادية الملموسة الجمّة الى جانب الثواب والأجر والتقرّب الى الله تعالى لنيل مرضاته، فنكون بذلك قد كسبنا الدنيا والآخرة.