ملقتى القرآن الكريم يعقد مؤتمره الثامن
قيمة الكرامة .. آفاقها التشريعية وتجلياتها الانسانية
|
الهدى / متابعات
اختتم ملتقى القرآن الكريم أعمال مؤتمره الثامن في حسينية الرميح بمدينة سيهات شرق السعودية، وكان تحت عنوان: (قيمة الكرامة..آفاقها التشريعية وتجلياتها الإنسانية)، وشارك فيه خمسة باحثين ناقشوا (قيمة الكرامة) وآفاقها التشريعية وتجلياتها الإنسانية تحت ضوء القرآن الكريم وعلى مدى يومين متواصلين.
وفي كلمة الافتتاح قال المنسق العام للمؤتمر عبدالجليل الراشد: إن الكرامة عنوان لمجمل الحقوق الأساسية والذي يشكل انتهاكها، انتهاكاً لحرمات الإنسان". وذكّر الراشد بدور الرسالات السماوية في مواجهة ألوان التسلط والاستكبار من قبل طائفة لأخرى بإسم الدين أو العنصر واللون والدم، أو عن طريق الثروة وإثارة الشهوات، أو عبر القوة وإثارة الرعب.
وأوضح الراشد بأن المؤتمر أختار عنوان (الكرامة) بغية إغناء الرؤية حول قيمة الكرامة معتبراً أن الإنسان الذي يشعر بكرامته يساهم في بناء المجتمع ويعتز بانتمائه الديني، فلا يكون نهباً للأفكار الفوضوية.
وفي اليوم الأول من المؤتمر شارك ثلاثة باحثين وهم الشيخ حبيب الخباز، والشيخ عبدالغني العباس، والسيد حسن العبدالله النمر.
النمر: الكرامة هي تلبية الحاجيات الطبيعية والضرورية للإنسان:
وقال السيد حسن العبدالله النمر في ورقته التي جاءت بعنوان (الكرامة بين بصائر الوحي والفهم البشري)، إنّ الكرامة مكون أصيل في الوجود الإنساني وماهيته فالكرامة مفهوم مؤسس لمعنى الإنسان وجوهره، ومعبر عن ذاته ووجوده، ولا يمكن التفكيك بين ذات الإنسان ووجوده وبين كرامته، ولذا يعتبر العقلاء كرامة الإنسان المظهر الأجلى للإنسانية.
وفي تحديده لـمفهوم الكرامة الإنسانية في الفهم البشري المعاصر قال النمر: الكرامة هي تلبية الحاجيات الطبيعية والضرورية للإنسان، ومنها: الحاجيات العضوية كالتغذية والشرب والصحة…، والحاجيات الاجتماعية كالسكن والشغل والتعليم والحاجيات الفكرية كحرية التعبير والتفكير والروحية كحرية التدين والاعتقاد… وهذه الحاجيات مازال كثير من الناس محرومين منها.
الخباز: تدهور الكرامة الانسانية
وقال الشيخ حبيب الخباز في بحثه الذي جاء بعنوان (التأصيل القرآني لقيمة الكرامة) إن هذا العالم يفتقر إلى قيم الحضارة الإنسانية والمبادئ العادلة، وان التقدم الهائل في العلوم والتكنولوجيا لا يوازي مستوى الانحطاط والتدهور. مضيفاً أنه وبسبب هذا الانحراف يشهد العالم أزمات متتالية ومتفاقمة تسود العالم وتؤثر عليه بشكل أو بآخر، ومن أهم انعكاسات هذه الأزمات هو تفشي المشاكل المستعصية في الأمراض والحروب والتسابق النووي، وعوامل التخلف مثل الفقر والبطالة وتفشي أنواع الجريمة"، لهذا فإن الإنسان اليوم والبشرية جمعاء تفتقد إلى أهم مقومات حياتها وسعادتها واستمرارها مثل الأمن والاستقرار والرفاهية.
وتساءل الخباز عن دور منظمات حقوق الإنسان والصحوة في العالم، متهماً إياها بالعجز في مواجهة التحديات وذلك لخضوعها تحت لواء الحكومات والأنظمة السائدة والمهيمنة.
وأضاف أن النظرة القرآنية هي النظرة المثالية لقيمة الكرامة والشاملة والمعمقة التي تنبع من فهم الحياة أولا، وثانيا أصالة الإنسان، وطبيعة الأهداف والتطلعات نحو المستقبل.
الشيخ عبد الغني عباس: الغاية تحقيق الكرامة الإنسانية
اختٌتمت أبحاث الليلة الأولى بورقة الشيخ عبدالغني عباس والتي كانت بعنوان (جدلية العلاقة بين قيمة الكرامة والقيم القرآنية الأخرى) وقال سماحة الشيخ: نلاحظ أن بعض فلاسفة الغرب يصرون على الفوضى القيمية حتى يكون بإمكانهم سلب القداسات عن مختلف القيم وضمن أنساق مختلفة من المصالح، موضحاً أن الكرامة قيمة مكتسبة من النص الديني وهي تتصور في مستويات ثلاثة: الأول أنها تعتبر من ذاتياته لأنه خليفة الله في أرضه، والثاني: أن الكرامة عز للإنسان، وهذا العز نابع من التوحيد، والثالث: ولأن الكرامة كذلك شرع له البحث عن الكرامة خصوصا إذا كان هناك من ينتهك هذه الكرامة".
واختتم العباس بحثه بالتأكيد على أن منظومة الأحكام الشرعية من الواجبات والمحرمات الغاية منها تحقيق الكرامة الإنسانية.
وفي الليلة الختامية للمؤتمر عرض كل من الشيخ محمد المحفوظ والشيخ محمد العليوات دراستيهما.
الشيخ العليوات: كل بني آدم متشاركون في الكرامة:
قال الشيخ محمد العليوات في دراسته التي جاءت بعنوان (الآفاق والملامح العامة لقيمة الكرامة في القرآن الكريم) أن الكرامة الإنسانية هبة ونفحة إلهية وعطاء رباني للإنسان، ولأنها هبة من الوهاب فليس لأي أحد من البشر أن يسلب هذه المنحة والعطاء الرباني.
وأوضّح العليوات أن هذه الكرامة الممنوحة يتشارك فيها كل بني آدم، فالكرامة الإنسانية حسب دراسة العليوات ليست لجنس على حساب جنس، حيث تسقط كل المسميات البشرية والنظريات الاستعلائية وكل الإضافات التي يحاول البشر أن يضيفها على أنفسهم من أجل التفضيل والتميز.
الشيخ محمد المحفوظ: مفهوم الكرامة الانسانية في القرآن الكريم
وجاءت ورقة الشيخ محمد المحفوظ تحت عنوان (مفهوم الكرامة الإنسانية في القرآن الكريم) رأى فيها المحفوظ أن الكرامة الإنسانية تشكل حجر الزاوية في مشروع الإصلاحات والتحولات الإيجابية في أي مجتمع، رابطاً تعثر مشروع (التطوير) للأمة في مجالها السياسي والتربوي والاستقرار الأسري والتنمية الشاملة بصون كرامتها وحفظ حقوقها. وعدّ المحفوظ أن امتهان كرامة الإنسان بوابة لنشوء كارثة ثقافية واجتماعية واقتصادية وتنموية وسياسية.
ووضع - حسب تقديره- أسساً ومبادئ للكرامة الإنسانية ذكر منها المساواة بين الناس، والفطرة والجبلة الإنسانية، ومكافحة الظلم. وأضاف: حين تمتهن الكرامة، ويتم التعدي على الحقوق، فإن المطلوب هو مكافحة الظلم، ومقاومة كل الأسباب المفضية إلى امتهان الكرامة والتعدي على الحقوق.
الكلمة الختامية:
وفي ختام المؤتمر عرض ملتقى القرآن الكريم رؤيته في (قيمة الكرامة)، حيث القى الكلمة المنسق العام للمؤتمر الأستاذ عبد الجليل الراشد، ووضح الملتقى أن محورية الكرامة الإنسانية تقتضي أن يكون التفاضل معززا للإنسانية متجاوزا للتفكير العنصري.
ورأى الملتقى أن الكرامة تقتضي الحياة الطيبة بالرزق والمأوى الكريمين، كما تقتضي صيانة حرمته، فلا يضيع حق من حقوقه ضمن نظم العدالة والمساواة.
وأشار الملتقى ضمن كلمة الختام بأن التطلع لحياة كريمة يكمن في أمرين: استثارة فطرة الإنسان وتعريفه بمكانته السامية، وتحرره من الإصر والأغلال، معتبراً أن الإصر والأغلال "تستهلك كثيرا من طاقته وتحد من اندفاعه.
كما دعا الملتقى للنهوض بالمرأة عبر تحرير العقل، وتحرير المجتمع من العقد والتقاليد التي لا تنسجم مع قيم الدين الإسلامي وأحكامه. بالإضافة إلى دعوته بالاهتمام بالطفل وتنمية الإرادة والثقة والإيجابية والوعي، والخروج من النظرة السلبية.
يشار إلى أن المؤتمر شهد في دورته الثامنة هذا العام مشاركة فاعلة لنخبة من رجال الدين والباحثين الإسلاميين والمتخصصين في علوم ومعارف القرآن الكريم.
|
|