العراق: ما ديمومة الرهان على النفط لتحقيق الاستقرار المالي؟
|
إسراء كاظم طعمة
تجتهد دول العالم، المتقدمة والنامية على حد سواء، لتنويع مصادر الدخل الوطني من اجل تحقيق الاستقرار المالي وتمتين بنيتها الإقتصادية محققة بذلك هدفين، اقصى حد ممكن لاستثمار الموارد الممكن استثمارها، وتجنب المخاطر التي قد تنشأ جراء الإعتماد على مصدر واحد للدخل.. والعراق رغم ما ينعم به من خيرات في مجالات شتى، غير انه لا يجري استثمارها بما يحقق التنويع في وارداته الاقتصادية التي تقابل النفط. جراء ذلك لن يستطيع العراق الوصول الى الاستقرار المالي، وربما يصبح الاقتصاد العراقي في اي وقت عرضة للاهتزاز جراء أمرين، أولهما ان الطلب الخارجي على النفط يؤثر إيجابا إذا ارتفع، وسلباً إذا انخفض، وثانيهما احتمالية انخفاض الطلب او الاستغناء عن النفط في حال وجدت بعض الدول بدائل عن طاقة النفط في تنفيذ مشاريعها الصناعية، هذا ما دفع بالبنك المركزي العراقي في وقت سابق الى توفير احتياطي مالي يصل إلى 50 مليار دولار لمنع أي اضطراب لبنية الاقتصاد العراقي.
ويمتلك العراق مصادر استراتيجية لدخله الوطني لو تم الاعتناء بها لشكلت سنداً صلباً لبنيته الاقتصادية واستقراره المالي، كما ستكون ركيزة اسياسية في تحقيق السيادة الاقتصادية للعراق عبر تخلصه من الرضوخ لشروط المستثمرين الاجانب والمانحين، تلك الشروط التي تدفع بالاقتصاد العراقي شيئاً فشيئاً نحو الخصخصة، وهذه الاخيرة شكلت ولا تزال سبباً رئيسياً للكثير من المشاكل في العالم اجمع.
والواقع العراقي بعد سنوات الحروب والحصار، يتمثل بعملية إعادة بناء لمؤسساته الاقتصادية، فالعراق وفق تصريح للهيئة الوطنية للاستثمار العراقية بحاجة الى استثمارات بقيمة 600 مليار دولار لإعادة الإعمار. والاعمار يجب يأخذ بعين الاعتبار الاهتمام بمصادر التنمية المتنوعة وان لا يرجح كفة على حساب الاخرى،اي ان تؤخذ في الخطة الانمائية للعراق الاهتمام بواقع الصناعة والزراعة والسياحة وكل ما من شأنه ان يكون مصدراً واقعياً من مصادر الدخل الوطني، حيث ان أهمال مصادر حيوية ومهمة في الاقتصاد العراقي عبر اغفال قيمتها الحقيقة والتركيز على الاستثمارات ذات الجدوى قريبة المدى هي سياسة جعلت من العراق بلداً مستورداً لكل شيء ومستهلكاً في الدرجة الأولى. فالزراعة بوصفها عنصراً ستراتيجياً في البنية الاقتصادية حيث عرف عنها بإنها نفطُ دائم، أمسى العراق مستورد للمنتجات الزراعية حتى على مستوى الخضار والفواكه، والحال نفسه مع الصناعة والتي تعاني في العراق من حالة شبه انقراض، وعن مصدر مهم من مصادر الدخل يعتبر في إغلب دول العالم المصدر الرئيسي ان لم يكن الأول لاقتصادها، الا وهي السياحة، ففي العراق المواقع الدينية والاثرية والترفيهية، لكن الدخول المستحصلة من السياحة ضعيفة لا يمكن التعويل عليها في تثبيت استقراره المالي.وإهمال هذه الموارد وغيرها لا يعد طمر لها فقط وانما ان انتهاج والاستمرار بمثل هكذا سياسة اقتصادية هو استنزاف للنفط العراقي في ذات الوقت.
كما وان الصيغة التي اصبحت معتمدة في استخراج النفط العراقي وانتاجه، تعكس حالة من العودة الى الوراء جراء الاعتماد بصورة مطلقة على امكانيات شركات التنقيب الأجنبية. . وهذا مايدفعنا الى التفكير عن دور شركات التنقيب العراقية ومدى الحرص في عودتها الى مسار العمل والانتاج. واهمال دور المؤسسات العراقية الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص هو سبب آخر قد يعرض الاقتصاد العراقي الى الاهتزاز. لو تمكن العراق من النهوض بمصادر الدخل المتنوعة فذلك لن يمتن بنيته الاقتصادية ويدعم استقراره المالي فحسب، وانما سينقذه ايضاً من الوقوع مجدداً في فخ القروض الدولية وفوائدها.
|
|