قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
مع انتهاء مهلة الايام المئة.. بنتائج غير ملموسة
ساسة ومواطنون: في ظل الفساد والروتين والمحاصصة لاتكفي (أيام الحكومة المئة) ولا (سنواتها)
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة بغداد/ الهدى:
اتفق ساسة ومواطنون من بغداد على أن مهلة المئة يوم التي حددها رئيس الوزراء لتحسين الأداء الحكومي، والتي انتهت يوم امس الأثنين، غير كافية لبناء ما دمرته سنوات من الحروب والعنف، وفيما لاحظ سياسي وجود مؤشرات على حصول تحسن نسبي قد لا يرضي الشعب، قال محلل ان تحقيق تقدم في ملفي الخدمات والفساد يحتاج الى سنوات، فيما نفى مواطنون تحقق شيء ملموس منبهين الى سلسلة مشاكل تقف على رأسها المحاصصة والفساد والروتين.
عضو التحالف الوطني القاضي وائل عبد اللطيف، قال لـ(الهدى)، ان "هناك تحركا للوزراء عبر خطط معينة لتطوير العمل ومتابعة مشاريع وزاراتهم وأداء مؤسساتها، كما أن هناك تحركا لنواب رئيس الوزراء وكذلك متابعة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الى جانب اشارات بأن ست وزارات حققت نتائج ملموسة وهذه نقاط ايجابية، لكن السؤال هل سيكون الشعب راضيا؟ وهل هذا ما يصبو اليه الشارع؟ ". ويجيب عبد اللطيف عن السؤال بنفسه، قائلا "اعتقد ان صوت الاحتجاج سيظل قائما، لأن الشعب يريد اكثر من ما تحقق، يريد محاربة حقيقية للفساد الاداري والمالي، ويريد تحسناً ملموساً في الكهرباء"، مستدركا: "علينا ان ننتظر خطاب الحكومة بعد انقضاء مهلة المئة يوم ورأي الشعب، فقد يؤيد او يرفض النتائج المتحققة"، مشيرا الى امكانية "تكرار التجربة في حال نجح المسؤولون في تقديم تطور بالخدمات".
وكان رئيس الوزراء نوري المالكي، وفي محاولة لامتصاص النقمة الجماهيرية، قد حدد في (28/2/2011) وعلى وقع التظاهرات التي شهدتها عدة محافظات للمطالبة بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد وتحسين الاداء الحكومي ومجالس المحافظات، حدد فترة 100 يوم يجري بعدها تقييم عمل حكومته، وحذر لاحقا من امكانية تبديل الوزراء والمسؤولين الذين يفشلون في وضع مؤسساتهم على طريق العمل الصحيح،واعرب في نيسان/ابريل الماضي خلال مؤتمر صحفي بثته قناة العراقية شبه الرسمية عن استعداده وحكومته تقديم الاستقالة اذا ما ثبت فشل الحكومة في استثمار مهلة الـ100 يوم في وضع استراتيجية للنهوض بالخدمات في البلاد فضلا عن الدعوة الى اجراء انتخابات نيابية مبكرة، معبرا عن عدم رضاه عن التشكيلة الحكومية الحالية التي وصفها بـ"المترهلة". وقال حينها أن المئة يوم هي "مهلة لكشف امكانيات الوزراء والمسؤولين والحكومات المحلية في الاصلاح والعمل واذا رأينا اننا فشلنا فسنتقدم الى مجلس النواب باقالة الحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة"،مشدداً على ان "من حق رئيس الوزراء مطالبة البرلمان باجراء انتخابات مبكرة وحل الحكومة، فضلا عن اقالة الحكومات المحلية والمحافظين واي مسؤول حكومي كان".
من جانبه يرى المحلل ابراهيم الصميدعي أن مهلة المئة يوم مهدت لعمل حكومي جاد لكنها لم تعالج ملفي الخدمات والفساد الذي يحتاج الى سنوات من العمل وليست ثلاثة أشهر.وقال " وجدنا حركة دؤوبة مهدت لعمل حكومي جاد، والمالكي هدد باستبدال الوزراء الذين يخفقون في أدائهم وتنفيذ البرنامج الحكومي، وقال في رسالة واضحة انه مستعد لحل الحكومة في حال لم يستطع تحقيق تغيير نحو الأفضل". واستبعد الصميدعي أن يتم معالجة ملفي الخدمات والفساد سريعا، قائلا ان "الملفين بعكس ما يعتقد البعض، بحاجة الى دورتين وفائض مالي حقيقي لاعادة بناء البنى التحتية التي دمرت مع بدء الحرب العراقية الايرانية عام 1980 والتي لم تسمح الحروب التي خاضها العراق عبر العقود الثلاثة الماضية في اعادة بنائها، وعلى المراقب ان يدرك ان المحسوبية والمنسوبية هي اساس الفساد، والترفع عنها سيؤدي الى الاستقرار، ومع ذلك فان المعالجات غير كافية بسبب ترهل الحكومة".
ويعاني العراق من مشكلة الفساد، حيث يعتبر وفق التقارير الدولية، واحدا من أكثر الدول فسادا في العالم، كما يعاني من ضعف كبير في بنيته التحتية التي لم تجد الاهتمام نتيجة الحروب الطويلة التي خاضعها النظام البعثي والصراعات التي اثارها، بدءا بالحرب مع ايران (1980-1988) ومن ثم حرب الكويت (1991) وبعدها الحصار الاقتصادي وانتهاء بحرب 2003، حيث تنقطع الكهرباء لأكثر من 16 ساعة في معظم مناطق البلاد، وتعاني شبكات المياه والمجاري من الضعف والقدم، الى جانب محدودية شبكة الطرق والجسور، فضلا عن المشاكل في البنية الصحية والتعليمية. ويتفق مع الرأي ذاته، قاسم جبار (42 عاما) مدرس، قائلا ان "مئة يوم من العمل لا يمكن ان تساهم في اعادة بناء ما دمر طوال عقود تراكمت خلالها المشاكل الخدمية وكان الهدم والتدمير له الحضور الأقوى، كما لا يمكن انتظار الكثير من حكومات محلية غرقت طوال سنوات في صراعاتها وعجزت عن تحسين الخدمات بالشكل المطلوب". وبدوره لا ينتظر محمد حسان (28 عاما)، تحقيق الكثير في ظل اجراءات حكومية يراها بطيئة، مبينا أن "الهدف المنشود في تقديم الخدمات لا يمكن تحقيقه، رغم محاولات الوزراء تحقيق انجازات تحسب لهم".ويشير حسان الى "ضعف الجهاز الاداري للدولة ومشكلة الروتين"، لافتا الى ان ذلك الضعف "يتحمل نتائجه المواطن وحده"، منتقدا استمرار ذات آليات العمل التقليدية لتسيير المعاملات "التي تعطل العمل بدل اللجوء الى التقنيات الحديثة لحسم المعاملات وكشف أي تزوير او مخالفات فيها".
من جانبها قالت المواطنة سعاد محمد "لم نر تطورا ملموسا مع انتهاء مهلة المئة يوم، نعم نسمع اعلانات عبر وسائل الاعلام تشير الى حصول تقدم، لكننا لا نرى الكثير على ارض الواقع، حيث مازالت الخدمات متردية".وتورد سعاد جملة امثلة حول الواقع التعليمي والصحي والاداري، مبينة أن "البلاد تواجه نقصا كبيرا في عدد المدارس تفرض اللجوء للدوام المزدوج، ولم اجد مشاريع لبناء مدارس بالحجم الذي يغطي الحاجة، وصحيا نعاني من قلة المراكز والاجهزة الطبية فيها، فضلا عن استمرار المشاكل المتعلقة باغلاق الشوارع، وبقاء الروتين القاتل في دوائر الدولة، الى جانب المحسوبية والمنسوبية في المراجعات، واستمرار الرشاوى والفساد". وتستطرد منتقدة نظام المحاصصة، معتبرة انه رأس المشكلة: "طالما جاء الوزراء والوكلاء والمدراء العامون وفق نظام المحاصصة الحزبية والفئوية، فلا امل يلوح في الافق بتحسن الأوضاع، ولا حتى الف يوم ويوم يكفي لذلك، فسيظل الحال على ماهو عليه"، مشيرة الى ان الكهرباء بدأت بالتراجع مجددا "قالوا ان المواطن سيحصل في الصيف على 8 ساعات كهرباء يوميا لكننا لا نحصل حتى على ثلاثة".
ويرى سعدي جاسم (44 عاما)، سائق اجرة، أن " لا المئة يوم تكون كافية ولاحتى أربع سنوات من عمر الحكومة، قياسا بحجم التحديات والخراب وبوجود مافيات الفساد والدمار الهائل في البنية التحتية وفي ثقافة المجتمع بعد ثلاثة عقود من الحروب"، ويضيف: "لا أجد امكانية لتحقيق نتائج بوقت قصير، الا في حال ابعاد المحاصصة والمحسوبية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب". ويضيف "الاخفاقات مستمرة، فالشعب ينتظر نتائج على الأرض لا شعارات او اعلانات، ومازال هذا بعيدا"، قالها جاسم وهو يهم بتشغيل سيارته، مضيفا علي أن "اصارع الزحام في شوارع بغداد التي تقطعها الكتل الكونكريتية التي تكرر الحديث عن رفعها لكنها مازالت تنتشر في الكثير من المناطق، وكانها تذكرنا بأن الحياة الطبيعية مازالت غائبة، وان الكثير من المسائل تحتاج الى وقت طويل وعمل ومتابعة جادة من الجميع لحلها".
ودون تردد وبلغة حماسية، ألقى عبدالله ياسين، محامي، حكمه "بالفشل" على رئيس الوزراء في مهلته التي حددها، قائلا: "كنا ننتظر منه ان يقدم عدداً من كبار الفاسدين الى العدالة ولم يفعل، كان ذلك سيجعل الناس يعتبرونه قد حقق نجاحا، كما فشل في البدء الفعلي بمشروع اقتصادي عملاق، كمشاريع المدن السكنية لسحب آلاف العاطلين عن العمل في بغداد، وأمنيا رفض حسم مشكلة الوزارات المعلقة فأبقى كل الضغوط على نفسه، وسياسيا لم يحل المشاكل مع ائتلاف العراقية وبالتالي الامور تعقدت أكثر وساسة العراقية سيستغلون الظرف الحالي لاثارة الشارع ضده لذلك اعتقد انه فشل ولن يسعفه بعض التقدم البسيط المتحقق في الخدمات". واضاف: "لا اعرف هل المشكلة في حجم المشاكل الموجودة وهي كبيرة، أم في مستشاري المالكي غير الأكفاء، ام في المحاصصة والتوافقات التي تمنع محاسبة الفاشلين والفاسدين، ام في شخص وطريقة ادارة رئيس الوزراء، ام في غياب المؤسسات، لكن بالنتيجة الفشل ينعكس على العراق ككل".
وجاء انتهاء مهلة المئة يوم، في ظل تفاقم الخلافات المستمرة منذ خمسة أشهر بين القائمة العراقية والتحالف الوطني حول طريقة ادارة حكومة الشراكة الوطنية وفق اتفاقية أربيل وهو ما عقد ـ ولايزال ـ المشهد السياسي والقى بظلاله وضغوطه على اداء الحكومة والبرلمان، بل وفي جانب خطير على الملف الأمني.وتتركز الخلافات حول مسودة قانون المجلس الوطني للسياسات العليا وطريقة عمل المجلس وهيكليته واختيار رئيسه، إذ تطالب العراقية بأن يكون اختيار الرئيس في مجلس النواب، وان يتمتع المجلس بصلاحيات تنفيذية وهو ما يرفضه التحالف الوطني، ولم يتوصل الجانبان الى صيغة توافقية لاقرار قانون للمجلس وبدء عمله رغم سلسلة اجتماعات جرت خلال الاسابيع الماضية، كما تدور خلافات حول ادارة الملف الأمني واتخاذ القرار.وما تزال الحقائب الأمنية شاغرة منذ تشكيل الحكومة في (21/12) مع استمرار الخلافات حول مرشحيها، وخاصة حقيبتي وزارتي الداخلية والدفاع.