قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

لنتعلم من الحسين ... وننتصر
*محمد علي جواد تقي
عندما بكى الامام الحسين عليه السلام على أعدائه يوم عاشوراء لأنهم سيدخلون النار بسببه، فهو بالحقيقة اقتحم عمق نفوسهم وضمائرهم، ليس فقط أولئك المصطفين لقتاله من أهل الكوفة، لأن الموقف كما يرويه التاريخ حصل بين الامام وأخته العقيلة زينب عليهما السلام، ولم يسمعه أحد من جيش ابن سعد، إنما الرسالة سجلها التاريخ بأحرف من نور ثم وصلت الى الاجيال من بعده، فكانت هذه المبادرة الحكيمة والذكية من عوامل النهوض والانتفاض على الواقع السيئ لدى كثير من الشعوب والمجتمعات خلال أربعة عشر قرناً ونيف، تلك الدموع اخترقت قلوب بوذيين وهندوس ومسيحيين فضلاً عن سائر ابناء الأمة الاسلامية، وأحدثت فيها هزّة عنيفة ارتجّ لها العقل والشعور، ولذا نجد أمامنا شخصية مثل (غاندي) ومقولته الشهيرة، كما نجد شخصيات سياسية وثقافية وادبية تحاول جهد امكانها ربط اسمها باسم الحسين عليه السلام في كلمة أو قصيدة شعر أو موقف أو أي شيء آخر. لكن السؤال الذي نوجهه الى انفسنا... هلّا تعلمنا من إمامنا الحسين عليه السلام كيفية اختراق اعدائنا وتحقيق الانتصار كما انتصر عليه السلام على أعدائه؟
منذ انقضاء عهد المتوكل العباسي وحتى انقضاء عهد الطاغية صدام، لم يجرؤ أحد على تهديد سلامة زائري الامام الحسين وسائر الأئمة الاطهار في العراق، لكن منذ سبع سنوات و رسُل القوم تتوالى علينا، بين تفجير حزام ناسف وانفجار سيارة مفخخة او عبوة ناسفة وقافلة الشهداء تطول، فما كان الجواب؟
حتى نكون ايجابيين، صدرت منّا رسالات عبر الفضائيات والمؤتمرات والمطبوعات و وسائل أخرى، لكن يبدو ان الجهد ضئيل أمام ساحة مترامية الاطراف، فنحن لسنا أمام ظاهرة اجتماعية خاصة بمدينة مثل (الكوفة) في عهد الامام الحسين عليه السلام، إنما أمام تيار اجتماعي تغذيه قوى اقتصادية وسياسية ومخابراتية اقليمية ودولية، من اهدافها الرئيسة حجب صفة النصر عن النهضة الحسينية، وإزالة وصمة العار والهزيمة عن النظام الأموي، وكل نظام حكم يتقاطع مع المبادئ والقيم التي من أجلها ثار الحسين واستشهد في كربلاء. ومن أجل ذلك علينا أن نُجهد انفسنا لاختراق القلوب ثم الاذهان ليأخذ الحسين عليه السلام مكانته الحقيقية في الضمير الانساني، عندها لن نشهد تجرؤ أعداء أهل البيت على استهداف المدن المقدسة والزائرين، أو على الاقل نحدّ من ذلك الى درجة كبيرة. فيكون المعتدي مداناً ليس من قبلنا وحسب، وإنما من العالم بأسره، لأنه لايستهدف أشخاص معينيين، إنما يستهدف قيماً ومبادئ انسانية عظيمة تتعلق بكل انسان حر وكريم سواءً كان مسلماً أم مسيحياً أم غير ذلك. أما اذا كان المستهدف رموز تمثل نفسها، فلماذا يكون التنديد والاستنكار؟ ويتحول الحادث الى قضية بين شخص وآخر بفارق انها حصلت في مكان مثل حرم الامام الحسين عليه السلام. وهذا ما يجب أن لايسمح به كل مؤمن غيور على القضية الحسينية.