لنلم "شملنا" بالحسين(ع) ونضىء بنوره كل زاوية من حياتنا
|
ها نحن مجددا في رحاب عاشوراء الكرامة والنهضة، وهاهم الموالون في كل مكان يقيمون ويعظمون شعائر الله التي شاء واراد سبحانه أن تقترن بأسم واحد من اعظم اوليائه، فتمسى بالشعائر الحسينية، لأن الامام الحسين عليه السلام اعطى نفسه وكل مايملك لله وفي سبيل دينه وتحرير وانقاذ الامة بل والعالم والناس اجمعين. وهو القائل على رمضاء الطف: (هوّن عليّ ما نزل بي إنه بعين الله)، فكانت العناية الإلهيّة مع قيامه وحتى شهادته ومن بعده مع كل تموّجات نهضته.
أيها الإخوة: ونحن السائرين على درب الحسين (ع) والمستضيئين بنوره علينا أن نستفيد من تلك المنارة الرفيعة ضوءاً يُنير كل زاوية من حياتنا، ونستفيد من تلك السفينة الوسيعة السريعة، حتى لا يغرق أيُّ شخص منا في لُجج الشَّهوات، ولا تبتلعه أمواج الفتن المضلة. أيُّ عذرٍ لإنسان يملك شمساً مضيئة كالسِّبط الشَّهيد أن يبقى في ظلامٍ دامس؟! وأيُّ تبريرٍ لمن يملك سفينة نجاة كهذه السفينة أن تلفَّه أمواج البحار الهائجة؟!. لا عاصم عن أوامر الله إلا بمن أمر الله بالتمسك به والانتماء إليه. تعالوا إذن نتوكَّل، وبكلِّ عزمات القلب، على الله، ونتَّخذ من مصباح السِّبط ومن سفينته وسيلةً لحلِّ مشاكلنا، والتَّغلُّب على أوضاعنا، سياسيَّةً كانت أو اقتصاديَّةً أو اجتماعيَّةً. تعالوا ننتفض على ذواتنا، ونجبر ضعف إرادتنا بالتوكُّل على ربِّنا، وبالاستلهام من واقعة الطَّفِّ الحافلة بالبطولات.
إن الذين يرسبون تحت قاع الشَّهوات، ويعيشون في أوحال اللذات العاجلة، ولا يعرفون قيمة للمَكْرُمات، ولا لذة للتضحية من أجل الحق، إنَّهم في سكرة الدُّنيا، وغيابات فتنتها، إنَّهم كالأنعام.. بل هم أضل سبيلاً. أن قيم النهضة الحسينية أساس المدنية ،و الإمام الحسين (عليه السلام) راية وحدة لنا، تعالوا -ونحن نعيش ذكراه العطرة- نتجاوز ذواتنا والحواجز التي تفصلنا عن بعضنا، نتواصل مع بعضنا، ونُنَمِّ عزيمتنا، ونُعِزَّ إلى عزتنا، ونعمل معاً في سبيل حلَّ مشاكلنا. كلا، لم يُكتب علينا أن نعيش أبداً في ذلِّ التفرُّق والتمزُّق، ولا في ظلِّ الاستعباد والكبت، ولا في أغلال الفقر والتخلف أو الجهل والتعصُّب. تعالوا نشطب، وبقلم الهمة على هذا الواقع المرير، ونتحدَّ بعزم البطولة الحسينية، وبصولة الأريحية العباسية، وبصبر الاستقامة الزينبية.
إنَّ السلوك الذي لا ينتهي إلى الوحدة، وإن الأخلاق التي لا تسلُك بنا طريق التعاون، وإنَّ الخطاب الذي لا يشجع على التكافل والتكامل؛ إنها جميعاً مخالفة لروح الشريعة وقيم الحضارة، وبالتالي وبالتاكيد مخالفة لرسالة ونهصة الامام الحسين عليه السلام. إن هذه العتبات الحسينية والمساجد والحسينيات والهيئات والمواكب، وكل الشعائر الحسينية، والمواقع التي تشكل فيها، هي أفضل إطار لتوحيد الكلمة، وجمع الشمل، وحل الخلافات الجانبية، والتشاور في أمور الدين والدنيا، ثم التعاون على البر والتقوى؛ لنكون بإذن الله صفًّا متراصًّا كأنه بنيان مرصوص.
|
|