المعرفة تلغي عمليات بتر قدم السكري
مريض السكري.. انتبه إلى قدميك
|
* إعداد: بسّام محمد
ربما يغفل الكثير عن الآثار الكارثية لتجاهل مرض السكري، سواءً المصاب نفسه او افراد المجتمع المحيطين من افراد الاسرة او المجتمع. وهاجس الغفلة لا ينحصر في المصابين وافراد المجتمع وحسب،بل يشمل الجانب الآخر من المرض وهم من بيدهم الحل والعقد في المستشفيات والمراكز الصحية، من اطباء وصيادلة انتهاءً بالمسؤولين في وزارة الصحة.
وبما ان ارتفاع نسبة السكر في الدم وبشكل غير منظم لدى بعض المصابين يترك أثره الخطير على الاطرف بسبب تأكسد الدم في المناطق البعيدة من بدن الانسان، فقد حذر خبراء في مرض السكري من ان الجهل لدى المرضى والتجاهل لدى الأطباء، اضافة إلى فقدان التقنيات العلاجية الحديثة، كلها تعد عوامل لارتفاع حالات بتر قدم مريض السكري في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط تحديداً. وحسب مصادر طبية فان بين 15 و20 في المئة من مرضى السكري، يصابون بتقرُّح في أقدامهم خلال فترة حياتهم، وذلك نتيجة إلتهاب وضمور الأعصاب التي تنقل الإحساس والشعور بالألم إلى الدماغ مما يرغم نسبة كبيرة من أولئك المرضى على الخضوع لعملية بتر أقدامهم بسبب الإصابة بالتقرُّحات، التي في حال إلتهابها قد تؤدي إلى (الغرغرينا). إذ تشير الإحصاءات العالمية إلى أنّ نسبة 20 في المئة من مرضى السكري الذين يتلقون علاجاً في المستشفيات، يكون علاجهم هذا، مرتبطاً بإصابتهم بتقرحات في أقدامهم. كذلك، تفيد بعض الدراسات العالمية، أنّ بين 5 و25 شخصاً من مجموع مئة ألف، يخضعون لعملية بتر قدم، ويرتفع الرقم بين مرضى السكري، ليصل إلى 6 و8 أشخاص من أصل ألف مريض. يمكن القول أيضاً، إنّ كل ثلاثين ثانية يخسر أحدهم قدمه بسبب مضاعفات السكري، وعدم العناية الكافية بالقدمين.
يقول الدكتور طلال خضر، إستشاري أمراض القدم ورئيس عيادة القدم في (مؤسسة حمد الطبيّة) في قطر: "إنّ إلغاء بتر قدم السكري، مهمة يتوقف إنجازها على جوانب متعددة، لعلّ أهمها نشر الوعي والمعرفة حول مدى خطورة قدم السكري، ومدى سهولة العلاج في المقابل". ويضيف: "هناك أفكار مغلوطة لدى المرضى والأطباء والممرضين حول هذا الأمر، فضلاً عن أنّ العديد منهم غير مُطّلع على أحدث التقنيات والعلاجات المتوافرة، التي يمكن أن تمنع الإصابة بقدم السكري، أو علاجها في وقت مبكر وبشكل فاعل منعاً للبتر".
ولأن علاج السكري لا يكتمل ولا يكون ناجحاً، إلا من خلال المشاركة الفاعلة والتوعية من قِبَل المريض ذاته، فإنّه عليه أن ينتبه جيِّداً إلى قدميه، لأن إهماله العناية بهما لن يؤدي إلى تحسُّن حالته حتى لو أعطي العلاج الصحيح.
ويؤكد الدكتور قيس أبو طه، إختصاصي أمراض باطنية والسكري، ومؤلف كتاب (انت والسكري)، أنّ "أهم أسباب قروح القدمين، هي فقدان الإحساس، وفقدان الشعور بالألم في القدمين بعد مدة من الإصابة بالسكري. فالشعور بالألم، هو أحد أهم خطوط الدفاع عن الجسم. في الحالات الطبيعية، فإن أي إنسان عندما يتعرض لضغط عشرة غرامات على أي نقطة من الجلد، فإنّه يشعر بهذا الضغط، ولكن إذا كان الإحساس بهذا ضعيفاً، فإنّه لا يشعر بوخزة السلك الذي يضغط على الجلد. أمّا المريض الذي ضعف عنده الإحساس، فإنّه لن يشعر بوخزة هذا السلك الخفيف على القدم". من هنا يرى الدكتور أبو طه أنّ "المطلوب هو التوعية بإجراء الفحوص الخاصة بإكتشاف ضعف الإحساس في القدمين، إضافة إلى التوعية بالإهتمام بهما.
يتبيّن مما سبق، أنّ الوقاية من مضاعفات مرض السكري هي أكثر العلاجات فاعلية، وأكثر وسيلة ضامنة لمنع حصول بتر القدم عند مريض السكري، هي أن يتوخّى المريض الحذر ويراقب أي تغيّرات تطرأ على قدميه من خلال تفحصهما يومياً، وإبلاغ الطبيب بأي تغيُّر فيهما، والحرص على عدم السير حافياً كي لا يدوس على جسم حاد فيجرح قدمه. ثمّة سلسلة من التوصيات التي وضعتها مجموعة من خبراء العناية بقدم مريض السكري، من شأنها أن تساعد في تحسين نمط الحياة من دون أي مضاعفات. والأهم من ذلك، أنها تساعد المريض على تفادي دخول المستشفى لعلاج قدمه من التقرحات، وحتى تفادي بتر القدم، إذا أصيب بقروح:
1- في إطار العناية بنظافة القدمين: يجب غسلهما يومياً بمياه فاترة وصابون خاص، وتجفيفهما بعناية فائقة، لاسيما بين الأصابع، مع الحرص على عدم حفّهما بقوة، خوفاً من جرح البشرة الحسّاسة.
2- في حال تصلُّب جلد القدمين: يتصلّب جلد القدم أو تتشكل طبقة من الجلد الميت في القدم نتيجة الإحتكاك والضغط وإرتداء الأحذية غير المناسبة. لهذا السبب يشدد الأطباء على ضرورة إنتعال مريض السكري أحذية مريحة ومناسبة لا تضغط على القدم. من أجل إزالة طبقات الجلد المتصلبة، يُفضَّل نقع القدم في الماء والصابون الفاتر مدة عشر دقائق، على أن تتم إزالة الطبقات الجلدية المتصلبة بواسطة منشفة أو مبرد خاص بالبشرة، حيث يجب عدم سلخ الجلد أو تقشيره تحت أي ظرف كان.
هذه الارشادات يجب ان يعاضدها الشعور العالي بالمسؤولية من لدن الاطباء والاخصائيين والمسؤولين عن الشأن الصحي، وإلا فان في بلداننا الشرق اوسطية والاخرى البعيدة عن الرعاية الصحية، فان المريض سيكون قد بنى النصف الاول من الجسر نحو السلامة البدنية، وسيجد انه على شفير السقوط في معاناة هذا المرض، وفي بلدان مثل العراق يمكن ملاحظة التأثر الشديد للحالة الصحية بسبب الاحداث الامنية والسياسية المتأزمة في البلاد، في حين ان تكون مادة مثل (الانسولين) متوفرة في كل الاوقات والظروف للمصابين الذين يراجعون المراكز الصحية، بينما شوهد ان مصابين يخرجون من هذه المراكز في بعض الاحيان وقد استلموا جواباً من الصيدلية بان لا يوجد (انسولين) حالياً!!
|
|