بعد قرع أجراس المدارس..
الانتاج الوطني للمستلزمات المدرسية بحاجة الى جرس إنذار
|
الهدى / متابعات:
من المعروف في كل بلاد العالم ان مناسبات اجتماعية معينة كالاعياد والمهرجانات والكرنفالات، تشكل فرصة ذهبية للمنتوجات المحلية التي تزدهر بها الاسواق لكسب المشتري وهو قد يكون طفلاً صغيراً أو رجلاً كبيراً او شاباً أو امرأة، والسلع المنتجة لاشك تلبي حاجات ذلك المجتمع وأذواقه ورغباته.
لكن هذه القاعدة – ضمن سائر القواعد في العالم- هي الاخرى غائبة عن العراق، رغم حظوتنا بمناسبات اجتماعية ودينية يحتشد فيها الملايين يتحركون للتسوق وشراء ما هو مفيد ومناسب لدخل الفرد، فعندنا الاعياد الكبيرة وأيضاً مواسم الزيارة في المدن المقدسة وشهر رمضان المبارك وأخيراً وليس آخراً مواسم بدء العام الدراسي حيث يتوجه كل عام آلاف الطلبة والطالبات من مختلف الاعمار لتأمين حاجاتهم من القرطاسية والملابس الخاصة بالمدرسة. وفي مدننا تزدحم اسواق الملابس والاحذية والقرطاسية بالمتبضعين وهم يصطحبون ابنائهم التلاميذ، لكنهم لا يجدون أمامهم سوى المنتوج الصيني او التركي او غيره، ولا حضور للمنتوج العراقي الذي كان يوماً يُعد من أفضل المنتوجات لاسيما في مجال الجلود وصناعة الحقائب والاحذية. والحقيقة ان قرع اجراس المدارس ايذاناً ببدء عام دراسي جديد، يجب ان يوازيه قرع اجراس الحذر للصناعات الوطنية العراقية من الاستمرار في سباتها العميق حتى لا يفقد العراقيون خبراتهم ومهاراتهم الصناعية الى الابد وينحنون أمام عواصف المنتجات الصينية الرخيصة والرديئة.
وكل محافظة ومدينة وقرية ، تُعد اليوم نموذجاً لسائر محافظات ومدن البلاد في استحواذ المنتج المستورد على اسواقنا، بما في ذلك المستلزمات المدرسية. يقول (حسن علي) صاحب محل لبيع القرطاسية: إن كل ما موجود لديه من قرطاسية بمختلف أنواعها واشكالها من صنع صيني ولا يوجد أي منتج عراقي في سوق القرطاسية سواء على صعيد الأقلام أم الدفاتر بل وحتى الحقائب، مشيرا على أن القرطاسية الأجنبية بعامة والصينية منها بخاصة تغزو السوق المحلي منذ سنتين بنحو كبير مقابل غياب المنتج الوطني لتوقف المعامل التي كانت تنتجه، إضافة إلى جودة المنتجات الأجنبية ورخص أسعارها لاسيما الصينية ما يجعلها ملائمة لدخل العائلة العراقية.
وحيث يتجول ذوو الطلبة لشراء القرطاسية وملابس الزي المدرسي للطلبة والطالبات، قال عماد عبد الرحمن صاحب محل لبيع ملابس الطالبات، إن البضائع السورية والصينية والتركية هي الطاغية على الملابس الموجودة في السوق ومنها الزي المدرسي، مبينا عدم وجود أي منتج عراقي قادر على منافستها إذ تتفوق المنتجات الأجنبية بجودتها وأسعارها على المنتج المحلي ما أدى إلى توقف أغلب المعامل خصوصا الأهلية أما الحكومية فأمرها يدعو للعجب لأنها ما تزال لا تعرف كيفية تسويق منتجاتها إن وجد لها سوق!
وقالت أم ياسر وهي تتجول مع ابنتيها وولدها إنها اشترت ثلاث حقائب وستشتري الملابس، آملة أن تتاح لها فرصة العثور على مبتغاها بأسعار مناسبة لا تنسف ما تبقى من ميزانية الأسرة.
وتساءلت: أين هو المنتج الوطني ولماذا لا تستثمر الصناعة العراقية مثل هذه المناسبات لتثبت وجودها على الساحة، مضيفة: لماذا اختفى المنتج المحلي ومن المسؤول عن ذلك وهل من سبيل لإعادة الحياة للصناعة الوطنية حكومية كانت أم خاصة؟ لاسيما أن بإمكانها إنتاج غالبية المستلزمات المدرسية.
أما باسل طلال فأعرب عن اعتقاده أن رداءة المنتجات العراقية وعدم الاهتمام برفع مستواها النوعي والجمالي لاسيما بعد إغراق السوق المحلي بالمنتجات الأجنبية هو السبب في تراجع المنتج الوطني واختفاءه من السوق، مذكرا في هذا الشأن بالأقلام المحلية التي لم يكن بالإمكان الكتابة بها والدفاتر ذات الأوراق الخشنة المليئة بالبقع الدهنية والشوائب الغريبة والملابس ذات الفصال المنافي للذوق!، حسب تعبيرها. وتابع: حتى ما كان جيدا ومطلوبا من المنتجات المحلية كالحقائب المدرسية التي كانت في وقت ما ذات نوعية ممتازة وتدوم لعدة سنوات وأفضل مما هو متوفر في السوق الآن تراجعت نوعيتها وقل الطلب عليها لتختفي تماما من الأسواق ويتجه الناس للبضائع الأجنبية التي حرموا منها طويلا في العهد السابق فضلا عن كونها ملبية للأذواق المختلفة وإن كانت نوعيات بعضها غير جيدة.
من جانبه وفي تصريخ لوكالة (اصوات العراق) الاخبارية ،انتقد الأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد إبراهيم بكر غياب المنتج الوطني على الأصعدة كافة لاسيما المستلزمات المدرسية، وقال إن المعامل الحكومية كانت توفر المستلزمات المدرسية مثل الصناعات الجلدية ومعمل الأقلام والدفاتر والألبسة الجاهزة المنتشرة في عدد من المدن العراقية إلا أنها تلاشت وأصبحت في خبر كان.وأوضح أن هذا الأمر “ينطوي على خطورة كبيرة ويؤشر لتحول المجتمع من الإنتاج إلى الاستهلاك في ظل غياب دعم المنتج الوطني، لافتا إلى أن رخص أسعار المنتجات الأجنبية وغياب السيطرة والرقابة النوعية عليها لا يتيح للمنتج الوطني أي فرصة للمنافسة وبالتالي البقاء في السوق. ودعا إلى ضرورة وضع خطة شاملة لإعادة الصناعة والمنتج العراقي سواء الحكومي أم الأهلي إلى السوق المحلي لدعم الاقتصاد الوطني الذي بات أحادي الجانب تماما ومعتمدا على النفط أكثر من أي وقت مضى، منوها إلى أن انتعاش الصناعة الوطنية يمكن أن يحل الكثير من مشاكل البلاد وفي مقدمتها البطالة.وأكد أن حصول الطلاب والتلاميذ على منتجات وطنية وتعودهم عليها أمر يعزز الانتماء الوطني لاسيما إذا كانت ذات نوعية جيدة، مطالبا وزارة الصناعة والمعادن واتحاد الصناعات العراقية وغيرها من الجهات المعنية بالاقتصاد الوطني تدارك الأمر وتنظيم معارض في مثل هذه المواسم لعرض منتجاتها وإثبات وجودها وكسب الجمهور من خلال نوعية منتجاتهم ومعقولية أسعارهم.
|
|