المقال الافتتاحي
درس من عاشوراء
|
محمد طاهر محمد
لم يعرف التاريخ ثورة تخلّدت في ضمير الاجيال على مدى القرون المتعاقبة كثورة الامام الحسين، فعلى مدى تاريخ الثورات الطويل لانجد أنقى وأسمى وأرقى من المبادئ والاهداف والقيم التي دعا اليها الامام الحسين وسعى الى تحقيقها في ثورته المباركة، وهذا ما جعلها حية في الضمائر تتجدد على مر الزمان حتى اصبحت مدرسة لصناعة الانسان الكامل وقدوة لكل الشعوب التي تسعى الى التحرر والاباء.
فكانت هذه الثورة نقية لأنها لم تكن نتيجة عوامل شخصية او خصومة فردية وانما كانت انسانية شاملة تمثل الاسلام بكل ابعاده الروحية والفكرية والاخلاقية كما كانت سامية لأن غايتها الاولى الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر كما عبّر عن ذلك قائدها الامام الحسين (ع) فخلت من اي هدف دنيوي او مصلحة شخصية وكانت راقية لانها جسدت ذروة العطاء البشري حيث قدم الامام الحسين (ع) دمه الطاهر ودماء أهل بيته وصحبه وعرّض عائلته للسبي والاسر من اجل بقاء الاسلام والحفاظ على جوهره الاصيل فاتصفت بكل القيم الرسالية والاخلاق الاسلامية العليا كما اتصف قائدها بكل صفات الكمال البشري، وهذا ماجعل انطوان بارا يقول في كتابه (الحسين في الفكر المسيحي) ص 72 (لو كان الحسين لنا لرفعنا له في كل بلدة بيرقاً ولنصبنا له في كل قرية منبراً ولدعونا الناس الى المسيحية باسم الحسين). اجل لقد تجلّت العظمة باروع صورها عند الحسين فكان عظيماً في ابائه كما كان عظيماً في عطائه فعلم الانسانية اروع دروس ومعاني العقيدة الراسخة، من هذه الدروس العظيمة الالتزام بالفرائض فعندما حان وقت الصلاة ظهر يوم عاشوراء لم يتوان الامام الحسين (ع) في ادائها في ساحة الحرب ولم يأبه بالاعداء وهم يحيطونه من كل جانب والسهام تأتيه كالمطر حتى سقط بعض اصحابه الاوفياء مضرجين بدمائهم وهم يقوه السهام بصدورهم.
لقد كان ذلك الموقف درساً عظيماً في الامتثال لأوامر الله وطاعته واداء فرائضه كما كان ذلك الموقف عبرة لكل مسلم في الالتزام بالصلاة وعدم تأخيرها لاي ظرف او عمل كان. وهذا ما نتمناه من الشباب المؤمنين الذين يشاركون في الشعائر الحسينية في التعلم من مدرسة الحسين والاقتداء بسيد الشهداء واهل بيته وصحبه وتجسيد سلوكهم ومواقفهم العظيمة، فالشعائر الحسينية رغم اهميتها وكونها تمثل احياء لوقفة الامام الحسين الخالدة الاّ انها مستحبة والانسان الحسيني لا يمكن ان يقدم المستحب على الواجب فالصلاة هي من الاهداف التي سعى الامام الحسين الى الحفاظ عليها وعلينا ان نحافظ عليها لكي يبقى التواصل بيننا وبين اهداف الثورة الحسينية وتعاليم اهل البيت (ع)
|
|