قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الصمّ والبكم والشعائر الحسينية
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إعداد / علي عبد الله
تتسابق شرائح المجتمع العراقي كما هو الحال في سائر المجتمعات الاسلامية، يوم عاشوراء للإسهام في إحياء ذكرى واقعة الطف، وتجسيد تلك المفاهيم والقيم السامية التي أرسى دعائمها الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وصحبه بتصديهم للباطل والانحراف الذي طرأ على الدين والاخلاق.
فكانت الشعائر الحسينية الساحة الرحبة للتعبير عن مختلف أنواع المشاعر والاحاسيس المتضامنة مع مصاب الإمام وقضيته العادلة، فهناك من يقدم الماء والشاي الساخن أو الطعام للزائرين، أو من يقوم بتحضير الانارة للمجالس الحسينية وبقية المستلزمات، أو من يُعدّ لمشاهد التمثيل والتشبيه، الى جانب المشاركة الفاعلة في حلقات اللطم والزنجيل والمواكب الراجلة وسائر أشكال الشعائر الحسينية.
وربما يعتقد البعض إن الذين ينخرطون في هكذا نشاط، لابد وانهم ممن يحضون بالصحة والسلامة البدنية الكاملة، نظراً لحاجة الشعائر الحسينية الى جهد عضلي وتواصل وحركة هنا وهناك، وإلا على الذي لاتتوفر فيه مواصفات كهذه أن يجلس في داره ويتابع التغطية التلفزيونية للبرامج الحسينية أيام عاشوراء! لكن لم يكن الأمر هكذا، لأن هناك شريحة طالما ابتعدت عنها الأضواء أعطت درساً للجميع بان الصم والبكم قادرون على الإسهام في الشعائر الحسينية.
حصل هذا في محافظة واسط، عندما أقامت جمعية الصم والبكم موكبا لعزاء الإمام الحسين في مدينة الكوت يتضمن توزيع الشاي والطعام على السابلة.
وفي تقرير أعدته وكالة أصوات العراق قال رئيس جمعية الصم والبكم اسعد كامل والذي يتحدث بصعوبة: ان نحو 45 شخصا جميعهم من الصم والبكم قاموا باستئجار غرفة في بناية وسط مدينة الكوت لتأسيس جمعية أطلق عليها (جمعية الصم والبكم) وهي إحدى منظمات المجتمع المدني – حسب رئيس هذه الجمعية-.
وقد استغل كامل الفرصة للحديث عن هذه الجمعية قائلاً : انها تقوم بعدة مسؤوليات أهمها إيجاد فرص عمل لأعضائها والدفاع عن حقوقهم بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني في المحافظة، مبينا ان جمعيته لم تتلق أي دعم من أية جهة حكومية وهي أم شبه حكومية بل تعتمد على التمويل الذاتي من قبل أعضائها.
ويشير كامل إلى إننا كأعضاء جمعية قررنا إقامة هذا الموكب لنعلن أمام الجميع بان لنا الحق بأداء مناسكنا وشعائرنا الدينية ولنعلن أيضا بأنه لا يوجد فرق بين الصم والبكم وبين الأصحاء فالجميع لهم حقوق وواجبات كفلها لهم دستور العراق الجديد.
ويتابع ان هذا الموكب سيستمر كل عام وسنقيم مأدبة طعام كبيرة ليلة العاشر من شهر محرم تتضمن الرز واللحم والهريسة لإطعام الفقراء والمساكين بتمويل ذاتي من قبل أعضاء الجمعية.
ويضيف رئيس الجمعية لنا عتب على المسؤولين بتهميش دورنا وعدم تقديم أي عون إلى جمعيتنا وأعضائها، مطالبا بزجّ جميع ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم الصم والبكم في مشروع القروض وشبكة الحماية الاجتماعية.
ونقل مراسل (أصوات العراق) عن عدد من المواطنين في واسط إعجابهم وإشادتهم بهذه الخطوة الجميلة واصفين بأنها حالة مميزة يراد منها توضيح فكرة بان ذوي الاحتياجات الخاصة لهم الحق في ممارسة الطقوس الدينية شأنهم شأن الأصحاء.
المواطن حيدر عمال (33 عاما) يقول إن أعضاء جمعية الصم والبكم في الكوت اثبتوا بأنهم لا يقلو شأنا عنا نحن الأصحاء لأنهم أقاموا مجلسا للعزاء على الإمام الحسين يرتاده الكثير من الشباب ليخلدوا ذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين (ع). ويوضح إن هؤلاء الشباب قدموا رسالة مفادها بان العراقيين قادرين على صنع المستحيل وجميعهم يشاركون في الأفراح والأحزان.
فيما يرى زميله نذير القريشي إن موكب جمعية الصم والبكم له طعم خاص وأصبحت أتردد عليه مع أصدقائي خلال أيام محرم لشرب الشاي وتناول (الكعك أبو السمسم)! ويضيف بالرغم من إن مدينة الكوت تضم عدداً كبيراً من مجالس العزاء إلا إننا اصبحنا نتردد على هذا الموكب لتشجيع أصحابه من جهة ولإشعارهم بان موكبهم حقق هدفه وهو إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي (ع).