رسالة لمن ينشد التنمية
|
عمار كاظم
التنمية تلقى عناية كبيرة(هكذا يُفترض) لأنها تشكل الأسس التي تبني عليها المجتمعات حضارتها وتخطط في ضوئها برامج تقدمها وازدهارها على الأصعدة المختلفة، وما تقدم المجتمعات إلا بالمبادئ التي تحكمها والمبادئ التي تؤسس عليها مسيرتها وما تقدمه من برامج في الحقول الحياتية المختلفة، والتنمية هي عملية استثمار وتطوير قدرات الأمة وامكاناتها المادية والانسانية للوصول بأوضاعها إلى مستوى التفوق والتطور والازدهار والقدرة على القيادة الحكيمة. ولكي تؤدي التنمية ثمارها لابد من الحث على العمل والانتاج وإعمار الأرض وتنمية الخيرات وتطوير الخدمات {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} . ويتحمل الفرد والمجتمع والدولة لرفع مستوى التنمية الاقتصادية والخدمية في المجتمع بدافع الإلزام القانوني والأخلاقي والمسؤولية وترتيب الجزاء وتعطي الدولة صلاحية الالتزام بالعمل وتحديد مستوى الانتاج ونوعه لصالح المجتمع وتوضع الخطط لتوجيه التنمية في البلاد ولتحقيق المصالح وحفظها. والتنمية من المسؤوليات والواجبات على الفرد والأمة وإن الذات البشرية هي إحدى أهم منطلقات التنمية بمجالها الإنساني والمادي، فالجشع، والظلم، والأنانية، وحب السيطرة، والتفكير الاستعلائي يقودنا إلى إعاقة التنمية البشرية وما نراه من التصاق البعض الكامل ولفترات طويلة بواقع المسؤولية ومراكز القيادة في مختلف الميادين دون مشاريع انتاجية لما تعود على المجتمع بالتطور والرفاهية. فلا بد للإنسان أن يسعى للتنمية والتطوير نحو الأفضل باستخدام العقل والإدراك. ولا بد ان من يتحمل المسؤولية لديه الخبرة والكفاءة التي تحمل هم المبادئ ومسؤولية التنمية لا من يعمل للتكسب الذاتي والمصالح الشخصية كما نراه وللأسف الشديد في مجتمعنا سواء على مستوى التكسب السياسي او المالي أو الاجتماعي أو ماشابه ذلك . جاء في كتاب للإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر واليه على مصر ليحمله مسؤولية التنمية وبذل الجهد لتحقيقها: {وتعقد أمر الخراج بما يصلح أهله فان في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولم يستقم أمره إلا قليلا.. واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ولا غنى ببعضها عن بعض}.
مطلوب على مستوى التنمية لتقديم وتطوير مجتمعنا أن نهتم باعداد الإنسان وتكوين شخصيته واتجاهه في الحياة وفقا للقيم والمبادئ الرسالية ليكون عضوا صالحا في مجتمعه قادرا على تأدية واجبه الاجتماعي ولا بد من وضع البرامج التربوية والخطط للإعداد التربوي لتؤتي ثمارها وتؤثر تأثيرا بالغا في مستقبل التنمية في البلاد من خلال اعداد الإنسان المنتج المتحرك حركة تصاعدية أدبيا وماديا علينا أن نسعى جاهدين لإعداد مثل هذه الشخصيات الطموحة القوية التي تعتمد على النفس والجد والمثابرة والإنتاج وأن نعمل في مجال التخطيط من خلال التربية والتعليم المقصود والبرمجة الموجهة لإعداد الأجيال وتهيئتها للمساهمة في معركة التنمية والتطور بشتى مجالاتها ولا بد من وضع المناهج التربوية والسياسية التعليمية على أساس اعداد الإنسان للمساهمة في عملية التنمية وتطوير الحياة بأبعادها المادية والإنسانية وعلى المستويين النظري والتطبيقي تطويرا يحقق أهداف الأمة ومصالحها.
|
|