خطوات نحو التزكية (ح1)
التزكية البشرية هدف القرآن الكريم
|
*السيد سجاد المدرسي
-1-
اذا اردت ان تبني مبنىً من عشر طوابق مكان بيتك القديم، فان من الضروري ان تهدم دارك القديم ثم تخلي الارض من الانقاض لكي تتمكن من إقامة البناء الجديد. واذا اردت ان تشرب الماء وأمامك إناء ملوث بالاوساخ، فعليك أولاً ان تنظفه وتطهره ثم تستخدمه لشرب الماء هنيئاً مريئاً.
وهكذا الحال بالنسبة الى وعاء القلوب، الذي قال عنه امير المؤمنين عليه السلام لكميل (يا كميل... ان هذه القلوب اوعية فخيرها اوعاها...)، فانها ربما تمتلئ بالاوساخ والادران ان لم تملأ بالمعارف المفيدة، واذا امتلأت بالاول فلن يجد الثاني مكاناً لها الا بعد مرحلة التنظيف والتطهير، وهذا يستغرق فترة من الزمن.
-2-
انزل الرب كتابه على نبيه ليسير نحو هدفين أساسين، حيث يلتقيان ليصنعا معاً: الفرد النموذج، والمجتمع المطلوب.
ما هما؟
الهدف الاساس هو تزكية البشر وتطهيره من الادران والاوساخ، فان الانسان يخلق على الفطرة النقية، الا ان المشكلة تحدث حينما يبدأ القلب يتأثر بالظروف الزمانية والمكانية والمحيط الاجتماعي، فتعلق به الكثير من الشوائب من عادات منحرفة وسلوكيات خاطئة.
اما الهدف الآخر فيأتي بعد التنقية الاولية وهي اضافة المعارف الجديدة، التي تهيء الانسان للانطلاق في رحاب الحياة، فيكون الانسان بمثابة سيارة ينظف خزانها من الزيوت الفاسدة، ومن ثم يملأ بالوقود لتنطلق السيارة، يقول تعالى عن هذين الهدفين: "هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلو عليهم اياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل ذلك لفي ضلال مبين".
-3-
ومع نظرة سريعة لآيات القران الكريم نجد ان الصبغة العامة لها هي صبغة التزكية، لما لها من الاهمية الفائقة في التطور البشري، اذ ان العلم و المعرفة لا ينفعان شيئاً من دون التزكية، بل يتحولان الى وبال على المرء، فيصير العلم من دون التزكية (بلعم بن باعورا) الذي وقف ضد نبي الله موسى، بالرغم من امتلاكه الاسم الاعظم، ويتحول العلم الخالي من تطهير الذات الى (نوبل) العالم السويدي الذي ابتكر مادة (الديناميت) الشديدة الانفجار، فتحول علمه الى وسيلة لتأجيج نار الحروب المدمرة.
وللحديث صلة.
|
|