قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الى أين تأخذون البلاد بـ (لعبة التأزيم) ؟!
تمر البلاد بظروف حساسة ، وأمام الساسة والكتل، في الحكومة و البرلمان، استحقاقات وملفات مهمة وكبيرة تحتاج على حلول ومواقف مسؤولة و ناضجة، فيما يبدو المشهد السياسي اليوم ملبداً بـ(ألغام) قد تتساقط ـ لاسمح الله ـ على رؤس الجميع، نتيجة بعض الممارسات الخاطئة والاداء السيىء المنطلق من (الاهواء) و(المصالح) الضيقة ، وغياب الرؤية الوطنية الحكيمة والجامعة، مايجعل المواطن العراقي يرى المشهد وكأنه(سوق مريدي) سياسي، او (سوق عكاظ التأريخي الادبي) حيث يعقل هذا السياسي وذاك الطرف راحلة مصالحه ومواقفه اينما وكيفما شاء وهوى، دونما (نظم ولاحتى قافية) مُحكمة مقنعة، او كأنه (حفلة زيران) يصدق عليها المثل الشعبي (ماتعرف رَجلها من حماها)، ولمن لايعرف طقوس(الزيران) التي كانت الى السبعينيات تقام لاخراج (الجّن) من المُتـَلـَبس به، ليسأل اهالي جنوب البصرة لعلهم يرشدونه الى طريقة لتخليصه من (الجّن السياسي وجنونه) الذي يركبه بين اونة واخرى !. اليس من الغريب أن يعيش المواطن اليوم ظروفا معاشية وخدماتية سيئة لعل في صدارتها ازمة الكهرباء والقلق الأمني، لكن السياسيين يضعونه في زاوية تؤدي به مجبرا الى التعالي على جراحه وتناسي همومه تلك ليكون كل مايتمناه أن تنتهي حالة خصام (الضرائر) والانفصام ومسلسل الرعب وحفلات الزيران والجوانب السلبية التي تؤدي لعواقب وخيمة، وفي مثل هذه الظروف تعم الجميع حتى وإن كانت خاصة.
في العمل السياسي هناك أصول وأساليب واضحة ولها مرجعيتها الدستورية والقانونية والسوابق الدقيقة التي على أساسها يتم القياس. ما يحدث اليوم على الساحة السياسية هو الابتعاد عن الأصول السياسية واستبدالها بما يسمى بـ "اللعبة السياسية" التي لها أصول تختلف عن العمل المحترف.ومع ذلك فأن المتتبع يرى أن البعض لايلتزم ولايحسن حتى اصول هذه "اللعبة" السقيمة بل يشط بها نحو الصراع الشخصي والفئوي وتصفية الحسابات على حساب مصلحة العباد والبلاد، ويتخذ من ملفات حساسة كالفساد والخروقات الامنية والعمليات الارهابية وقضية الانسحاب الامريكي ومهلة المئة يوم الحكومية، بل ودماء المواطنين والمسؤولين التي تسفك بكواتم الصوت وغيرها، يتخذ منها في ظل هذه الاجزاء المشحونة والضبابية اوراق ضغظ وابتزاز سياسي متبادل عبر مواقف تأزيم وما يُلاحظ من تصاعد وتيرة التلويح بتصريحات من بعض الاطراف تعتمد لغة التهديد المبطن لتفجير العملية السياسية ، فضلا عن مواقف التأزيم في العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.لذا فإن استمرار هكذا "لعبة تأزيم" بين الساسة والكتل، بين الحكومة وبعض أعضاء وكتل البرلمان سيصيب البلد كله بالشلل، إن لم يكن اصابه فعلا !.
من هنا فإن كل متابع للعمل السياسي وبخاصة بعد اشهر على تشكيل الحكومة ومارافق التشكيل من صراعات ومناكفات في جانب مهم منها مدفوع ومدعوم بأجندة خارجية لهذا الطرف او ذاك، ومن ثم ماوصل اليه المشهد السياسي اليوم وماتركه ويتركه بصورة واخرى من آثار سيئة على الملف الأمني وغيره، يرى ان الوضع السياسي يُخشى عليه من الدخول مجددا الى "نفق مظلم" لا نعرف نهايته، لأن العمل السياسي المحترف والمخلص هو الذي يوجد حلولا لمشاكل البلد وليس الذي يزيد من عوامل التوتر.فألى اين ياترى تريد هذه الاطراف الوصول بالاوضاع في البلاد التي لاتحتمل مزيدا من التصعيد والتوتر، بقدر الحاجة الماسة والضرورية الى عقلنة التوجهات والصراعات التي بدأ البعض اليوم يقدم من خلالها (دفتر شروط ) مسبقة يريد ان تحقق له على طبق مفاوضات المحاصصة من جديد تحت عنوان (مبادرة جديدة) او تفعيل وتنفيذ مبادرة اخرى قديمة ـ يقول الاخرون ان معظم بنودها نفذت وأن على اساسها تم تشكيل الحكومة قبل عدة اشهرـ فيما تتم من جديد اعادة وضبط نغمة (الانسحاب) من العملية السياسية بالتزامن مع توقيت (الانسحاب) الامريكي..
وبالمقابل أيضا وفي ظل هذه المعطيات والمناخات السلبية فإن السلطتين التنفيذية والتشريعية امامهما اختبار صعب ان عجزتا عن التعاون في ما بينهما، لأنهما ان عجزتا عن إيجاد "لغة مشتركة" للتفاهم داخل البرلمان فإنهما أعجز من أن تستمرا خارجه.