قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

إنتبه: "البطالة" أفيد للصحة من "الوظيفة" !؟
علي سالم
كشفت دراسة ألمانية أن الخوف المستمر من فقدان الوظيفة يضر بصحة الإنسان و يُضيّع عليه الشعور بالراحة النفسية والجسدية، كما يكون تأثيره السلبي عليه أكبر من تأثير حدوث الأمر نفسه. وكشف من خلال الدراسة التي أجراها المعهد الألماني لأبحاث الاقتصاد ونشرها على موقعه الإلكتروني أن الأشخاص الذين تساورهم مخاوف كبيرة حول إمكانية فقدان وظيفتهم تتحسن حالتهم بعدما يصبحون عاطلين عن العمل بالفعل !. وقال إنجو جايشيكر، الباحث في المعهد، إن تأثير الخوف من البطالة على الإنسان ما زال يستهان به بشكل كبير. واعتمد الباحث في دراسته على نتائج استطلاع سنوي يشمل أكثر من 20 ألف شخص منذ 25 عاما. وفي الوقت نفسه أشار الباحث إلى أن الخوف على الوظيفة لا يرتبط في الغالب باحتمالات فقدانها، موضحا أن احتمالات فقدان الوظيفة قد تكون ضئيلة جدا لدى البعض، إلا أنهم يخافون بوجه عام من العواقب الاقتصادية والاجتماعية التي تنجم عن فقدان الوظيفة، ومن ثم فإنهم يفقدون الشعور بالراحة النفسية والجسدية.
على اي حال هذا في المانيا، ولايُعلم مدى إمكانية تعميم هذه النتائج على مجتمعنا العراقي مثلا، حيث البطالة عندنا باتت أزمة "تؤرق" وتصيب بـ"الاحباط" أعداداً كبيرة جدا، منهم شريحة واسعة من الشباب والخريجين، و"الاحباط والأرق والقلق" بطبيعة الحال يسلبان الانسان الراحة النفسية والجسدية، هذا بالنسبة للعاطلين، اما من هم في الوظيفة في بلادنا (خاصة الرسمية) فكما هو معلوم إن معظمهم ضامنها كــ"طابو" ولن يصدع رأسه بالتفكير في فقدانها، اللهم الا شرائح معينة من الموظفين الـ"سبشل" والـ"الفول اوبشن"،مثل الوزراء والمسؤولين والمستشارين والمدراء وإعضاء المجالس، الذين يصاب بعضهم بدوار الرأس المزمن مع كل إنتخابات وانتهاء ولاية كل حكومة وبرلمان، خوفا من شمولهم بعمليات "التبديل" الانتقامي او الحزبي والمحاصصي، للطواقم، التي تمارس مع مجيء كل حكومة جديدة، في صورة وممارسة ادارية ربما يمكن وصفها بالأية القرآنية:"كلما دخلت أمة لعنت أختها" !؟، وهنا سينطبق الوصف على "الخارج" من الوظيفة، ومستلمها ..!. أما اعضاء البرلمان ومجالس المحافظات، فإن بطالتهم و"تطييرهم" من الكرسي يتم أصلا على "ايادي" الناخبين، لاسيما التي تعاني وتشكو"البطالة" !. ولكن السؤال يبقى: هل أن كل هؤلاء المسؤولين سيشكون حقا من "احباط وقلق" البطالة بعد فقدان مراكزهم وكراسيهم وأمتيازاتهم ؟! أم انهم "أشطر" بكثير من أن يقعوا في النتيجة التي اكدتها الدراسة !؟ لأنهم "كرموا" أنفسهم، و"أمنوا" حياتهم المادية والمعيشية "عبر الوظيفة والامتيازات"، وهنا سيصح قول الدراسة فيهم بإن "الأشخاص الذين تساورهم مخاوف كبيرة حول إمكانية فقدان وظيفتهم تتحسن حالتهم بعدما يصبحون عاطلين عن العمل بالفعل "، لانها لم تقل سيصبحون"مفلسين" مثلا، لايملكون مؤنة يومهم فضلا عن سنتهم، اوبلا "سكن" او"تقاعد بالملايين" .. كما هو حال المسؤولين والموظفين الكبار في دولتنا، حكومة وبرلمانا ووزارات و..!؟.
أظن، وبعض الظن هنا " يقين" أن لسان حال جيش من العاطلين في بلادنا سيلعن هذه الدراسة، ويصرخ بالقول: فلتتأمن وتتوفر لنا فرص التوظيف والعمل اولاً، ثم دعونا وتكرموا علينا بتركنا "نضر" بصحتنا و نضيّع على انفسنا الشعور بالراحة النفسية والجسدية، و لتساورنا المخاوف حول إمكانية فقدان الوظيفة، وعندها قد ننتبه و نفكر فعلا في تحسين حالتنا، وهي ستصبح كذلك عندما نعود مرة أخرى "عاطلين عن العمل بالفعل" كما تقول الدراسة !