شفشوفة القذافي
|
بدر شبيب
لم أسمع بكلمة (شفشوفة) قبل اندلاع الثورة في ليبيا، أما الآن فقد أصبحت هذه المفردة متداولة كثيرا بفضل مقطع يوتيوبي ساخر يبدأ هكذا: (يا معمر يا بو شفشوفه الشعب الليبي توا تشوفه). والشفشوفة تعني عند الليبيين الشعر غير المسرّح، والذي يمثل جزءا بارزا من شخصية القذافي المريضة المغرقة في الغرائبيات شكلا ومضمونا. لقد أنتجت الثورات العربية طبعة 2011 قاموسا حديثا يضم العديد من المفردات التي لم تكن مألوفة من قبل في لسان الشارع العربي.
(زنقة.. زنقة) أصبحت علامة قذافية مميزة، حيث التقطها الشارع وأعاد إنتاجها بعدة أشكال تهكمية ساخرة تكشف عن الحب المتبادل بين الزعيم وشعبه. وكيف لا يحب الشعب زعيمه التاريخي الذي لم يفكر في يوم من الأيام أن يكون رئيسا أو أن يغير رتبته العسكرية، كما لم يتردد في وصفهم بالجرذان لأنهم طالبوه بالتنحي بعد أن جثم على صدورهم 42 عاما فقط لا غير؟! أليسوا أغبياء لا يقدرون النعمة!! . (الشعب يريد...) جملة لا تخطئها الآذان على امتداد الشارع العربي، على الرغم من أن هذا الشارع كان يريد ويريد من قبل، إلا أنه كان يعاني من التهاب مزمن في الحنجرة بسبب محاولات الخنق وتكميم الأفواه طويلة المدى. أما الآن - وبفعل المضادات الحيوية - فقد اكتشفت حناجرهم إمكانياتها الهائلة فانطلقت تعلن ما تريد.
(كلنا....) هذه المفردة دخلت القاموس أيضا، حيث أصبحت ذات مدلولات جديدة تعبر عن إرادة جماعية للتغيير، وستندهش لمجموع نتائج البحث عن (كلنا) في الفيسبوك بدءا من أشهرها في مصر (كلنا خالد سعيد) وانتهاء بأطرفها في ليبيا (كلنا مع الذبابة التي هبلت القذافي) مرورا بـ (كلنا ضد الطائفية) ، ولم يسلم حتى بلوفر رئيس الوزراء المصري المستقيل أحمد شفيق من حملة ضده تعكس روح الدعابة عند المصريين تحت (كلنا بلوفر أحمد شفيق). (شباب..) مفردة جميلة تزين أول صفحة في القاموس الحديث، حيث هم عنوان التغيير وأدواته، وهم من بادر بإحداث الاختراق الذي استعصى على الشيوخ الذين عبر عن حالهم ذلك التونسي الكبير في العمر وهو يصرخ: (هرمنا.. هرمنا..). القاموس الجديد جعلنا نكتشف جغرافيا أخرى خارج ما كنا نتعلمه في المدارس لتظهر أسماء لم تطرق أسماعنا من قبل بدءا من سيدي بوزيد وانتهاء برأس لانوف ومصراته مرورا بدوار الؤلؤة وسنحان وغيرها. مفردات ومصطلحات كثيرة دخلت القاموس أو ستدخله، وهي في واقع الحال انعكاس للتغيرات الهائلة الجارية في المنطقة، والتي تستدعي قراءة مختلفة من قبل الحكام والمسؤولين، وتحتاج إلى أدوات جديدة في التعاطي معها تعتمد على الحكمة والحوار، وليس على الأدوات القمعية القديمة ذات الأسماء الغريبة (الزقلة والحنكوش والفيشة والعروسة) التي اكتشفها الشباب المصريون بعد اقتحامهم لمقار مباحث أمن الدولة.
|
|