الثقافة
|
الشيخ عادل الجمري
تشكل القضية الثقافية في الأمة مفصلاً مهماً في حركة الوعي والتطور والنهوض، وخاصة إذا ما عرفنا ما للثقافة من تأثير في صياغة الأفكار وتوجيه الرؤى وصياغة نوعية تفكير الإنسان.فحركة الوعي في المجتمع تقودها الثقافة التي توجه الفكر وتصيغ الموقف الذي يتخذه الإنسان تجاه القضايا المختلفة الحاصلة. من هنا جاءت مقولة "كما تفكرون تكونون".
فشخصية المرء مرهونة بنوعية ثقافته وما ينعكس عليه من مؤثرات تصيغ رؤيته وتوجهه. ولعل أهمية وخطورة وسائل الإعلام منذ القدم وحتى عصرنا الراهن، تكمن في كونها عوامل مؤثرة في ثقافة الإنسان سواءً باتجاه الخير أم الشر.فالاستماع إلى الناطق يُمثل في الإسلام نوعاً من العبادة، لأنه يحظى بتركيز واهتمام ومن ثم تأثر وتوجه، وكما ورد في الحديث الشريف عن الإمام الباقر قوله: "من استمع إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبدَ الله، وإن كان الناطق عن الشيطان، فقد عبد الشيطان". فالاستماع - وليس السماع - هو الإنصات بتركيز وتوجه، واحتمال التأثر بالناطق وارد ولو بنسبة ضئيلة، ولذا حُددت مسؤولية شرعية تترتب على السمع والبصر والجوارح لما لها من دور في صياغة فكر وثقافة الإنسان، قال تعالى: "ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا". الإسراء- 36.
من هذه المقدمة نريد أن نستخلص حقيقة معنى الثقافة، وتداعياتها المؤثرة في واقع الإنسان والمجتمع والأمة.
ما هي الثقافة إذن ؟! .
إن الثقافة في المصطلح الحديث لا تشمل كل العلوم، إنها تلك التي تتحصل مباشرة بسلوك الإنسان، فليست الجغرافيا أو الرياضيات أو علوم الفلك والنجوم ثقافة لأنها لا تهدف تغيير سلوك الإنسان.إن الثقافة هي كل المعارف التي تعطي الإنسان بصيرة في الحياة، ونوراً يمشي به في الناس.
إن ما تنتجه الثقافة السليمة من وعي وتقدم وتطور في المجتمع يكاد يكون ملموساً في كل المجتمعات الناهضة التي وهبت لإنسانها الرقي والتقدم والرخاء. وبالمقابل فإن نتاج الثقافة السلبية واللامسؤولة على المجتمعات التي تجسدت فيها كان سيئاً أو ضاراً أحدث تأخراً وخللاً في بناء الإنسان والمجتمع وأدى إلى سقوط وانهيار الكثير من الحضارات عبر التاريخ.
|
|