قلبُ أُم
|
*محمد طاهر
الشمسُ تُنبئُ بالزوابع والدماء
زفرت ظهيرتها المدينةُ جثّةَ الاحزانِ والدمعَ المؤثّلَ
في الوجوه
وأدَتْ أكفُ الحرب بسمتها
الدمعةُ الصمّاءُ تذكرةُ المرور الى طقوس الجُرح في جسد المدينة
ودمٌ من الكلمات يُسكبُ في القباب
الجرحُ أورق بالدموع
والشمرُ يرمي بالقذائف
والطائراتُ تشبُّ ناراً في الخيام
ذبح الدُخانُ فم الطفولةِ..، والرفيف
وتودِّعُ الجسدَ الرؤوس
وصدىً لآهاتٍ تطوفُ على الهشيم
الليلُ يُقعي في السكون مكبّلاً رثّ الثيابِ و رأسه يغزوه
قملُ النارِ، أذّن في المنائر صوتُ أفواهِ القبور
تتهرّأُ الكلماتُ في كفّ القيود
فتناسلتْ (طفاً) قوافلُها السبايا
لكن (بشراً) كممُّوه وقيّدوه و رغّبوه و رهّبوه
و أقبروه وأبدلوه بجوقة الأبواق:
يا أهل يثربَ: إلزموا سلطانكُم
فالرافضونَ خوارجٌ كُفّارُ!!
وتشبُّ عند النهرِ كفُّ لامست أوداجُها دمعاً يرتِّلُ نفثةً (أمَّ البنين)
والرأسُ أحنى رمحه كي يلثم الرأسَ المضمّخَ بالمواجعِ والأنين
ظمأٌ يعانقُ جُرحها أحنت عليه ضلوعُها موتاً يحزُّ ندى اللقاء
يابشرُ: أين تركتَ أقماراً هوت
فتقوَّضت من فقدهنّ الدارُ؟
يابشرُ: هل أدركتَ حزناً لم يزل
من ألفِ عامٍ جمرُهُ أوّارُ؟
عينانِ سلَّ الدمعُ لونهما
تتنفّسانِ الهمسَ في الخطوات
جفناهما بابٌ أذابَ الحزنُ مصراعيه في تيه الغياب
تتوشّحانِ سحائبَ الذكرى
تتوسّدانِ نُعاء صحراءٍ حزينة
(لاتدعوني ويكِ أُمّ البنين)
أملٌ يقوِّضه السراب
والبابُ يغريني بأحلامِ التعاليلِ الممضَّةِ في الضلوع
أتُرى يجئُ .. ليبعثَ النفحاتِ في روحي..، وتدفنني يداه؟
أتُرى يجئُ.. يشفُّ في عينينِ تنتشلانِ لي روحاً تفتتُّها الزوابعُ والهواجسُ ينشي فيها الذبول؟
أتُرى.. يجئُ.. يقولُ لي : أُماهُ استظلَّ بها دمي حُلماً يقهقههُ الخواء؟
أتراهُ ضلَّ دعاء أنفاسي.. تميمة ورده علّقتها روحاً عليه
هي ذي ملابسُكَ الحزينةُ صغتُها كفني
وهذا مشطُكَ الدافي.. يبرّ جدائلي
و أراكَ في المرآةِ
عينانِ واسعتانِ كالبستانِ أزرعُ فيهما حزني
وجبينُكَ الزاهي سحابةُ أدمعي
وعلى شفاهِكَ قلبُ أُمٍ دام
|
|