بركة قراءة القرآن الكريم في البيت
|
*إعداد / زكي الناصر
إن بركة قراءة القرآن الكريم في البيت لها أبعاد متعددة؛ ففيها الخير المعنوي، الذي لا يحس به الإنسان إلا بإيمانه وقلبه. وفيها الخير المادي الذي يجده صاحب المنزل من كثرة الأرزاق ودفع الفقر والبلاء. وتعبير بعض الروايات عن الجانب المعنوي، من أن البيت يُضيء لأهل السماء لدليل على ذلك، كما جاء عن ليث بن أبي سليم، رفعه قال: قال النبي الاكرم (ص): (نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبوراً، كما فعلت اليهود والنصارى، صلوا في الكنائس والبيع، وعطلوا بيوتهم. فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن، كثر خيره، واتسع أهله، وأضاء لأهل السماء، كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا).
فوائد مادية
الى جانب الفوائد المعنوية المعروفة، فان لقراءة القرآن الكريم في البيت فوائد مادية ايضاً، من قبيل دفع الشياطين وحول ذلك وردت الروايات العديدة، منها ما جاء عن ابن القداح عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: (قال أمير المؤمنين (ع) البيت الذي يقرأ فيه القرآن، ويذكر الله عزوجل فيه، تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشياطين، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وإن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن، ولا يذكر الله عز وجل فيه، تقل بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشياطين). وعن الامام الرضا (ع) يرفعه إلى النبي (ص) قال: (اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن، فإن البيت إذا قُرئ فيه، يسر على أهله، وكثر خيره، وكان سكانه في زيادة. وإذا لم يقرأ فيه القرآن، ضيق على أهله، وقل خيره، وكان سكانه في نقصان).
والبركة تتعدى وجود المصحف الشريف في البيت، فإنه يطرد الشياطين، كما جاء عن الصادق عن أبيه (ع): أنه كان يستحب أن يعلق المصحف في البيت، يتقى به من الشياطين، قال : ويستحب أن لا يترك من القراء ة فيه. عن حماد بن عيسى عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (إني ليعجبني أن يكون في البيت مصحف، يطرد الله به الشياطين). وعنه (ع) يرفعه إلى النبي (ص) قال: (ليس شيء أشد على الشيطان، من القراء ة في المصحف نظراً، والمصحف في البيت يطرد الشيطان).
ولعل التركيز على القراءة في المصحف، جاءت ليتجنب الإنسان عن الأخطاء والتحريفات، خصوصاً وأنه قديماً كانت نسخ القرآن مخطوطة وقليلة جداً، فالتساهل بعدم القراءة في المصحف يوقع المسلمين في تحريفات، وزيادة ونقصان، وهذا يضر بالأمة الإسلامية، ويذهب بقدسية القرآن الكريم، لذلك جعل القراءة في المصحف عبادة. جاء في عدة الداعي: عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله الصادق(ع): جعلت فداك إني أحفظ القرآن عن ظهر قلب، فأقرأه عن ظهر قلبي أفضل، أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: لا، بل اقرأه وانظر في المصحف، فهو أفضل. أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.
ومن الآثار المادية الملموسة لقراءة القرآن الكريم هو أن يحفظ القارئ في بصره، فعن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: (من قرأ في المصحف مُتع ببصره، وخفف عن والديه، ولو كانا كافرين).
القراءة والارتقاء في الجنان
للجنة درجات متفاوتة حسب أعمال الإنسان. وبما أن قراءة القرآن الكريم من أهم الأعمال الصالحة في قراءته، ومدارسته، والتفكر فيه، فهو سبب لكثرة الثواب، ومحو السيئات، فتعلو درجات القارئ للقرآن لكثرة قراءته، وسهر ليله، وصبره في الحر على ملازمته.
روى الشيخ الكليني بسنده عن أبي جعفر الباقر (ع) قال: (يجيء القرآن يوم القيامة في أحسن منظور إليه صورة، فيمر بالمسلمين فيقولون: هذا الرجل منّا، فيجاوزهم إلى النبيين فيقولون: هو منا، فيجاوزهم إلى الملائكة المقربين فيقولون: هو منا، حتى ينتهي إلى رب العزة عزوجل فيقول: يا رب!.. فلان بن فلان أظمأت هواجره، وأسهرت ليله في دار الدنيا، وفلان بن فلان لم أظمئ هواجره، ولم أسهر ليله. فيقول تبارك وتعالى : أدخلهم الجنة على منازلهم.. فيقوم فيتبعونه، فيقول للمؤمن : اقرأ و ارق.. قال : فيقرأ ويرقى، حتى يبلغ كل رجل منهم منزله التي هي له فينزلها.
وعن علي بن الحسين (ع) قال : (عليك بالقرآن، فإن الله خلق الجنة بيده، لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، جعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباءها اللؤلؤ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن، قال له : اقرأ وارق، ومن دخل منهم الجنة، لم يكن في الجنة أعلى درجة منه، ما خلا النبيون والصديقون).
|
|