الإرهاب.. ودولة المكرمات
|
م. بهاء الفيلي
ليس غريباً أن يحدث تفجير هنا أو هناك بين حين وآخر ولكن الغريب هذا الكم من التفجيرات في يوم واحد(الاربعاء الماضي) وهذا ما يثير التساؤل عن المسببين والفاعلين لهذه العمليات القذرة , ولنعرف من هم المسببين لهذه الكارثة الأمنية والجناة علينا أن نقوم بمراجعة عادلة ونزيهة لكل ما حدث ويحدث على الساحة العراقية. ولكي ندخل في هذا الموضوع علينا أن نعرف من المستفيد من هذه العمليات ومن المتضرر. الكل يعرف إن الأبرياء من أبناء هذا الشعب هم المتضررون فقط وهم الوحيدون الذين يدفعون ثمن هذا الصراع، ولكن علينا أن نحدد أي صراع هذا الذي يشهده العراق ؟. بالطبع هناك صراع مستمر بين البعثيين والعملية السياسية، ولا يستطيع أي شخص أن ينكر إن البعثيين هم الذين قاموا بهذه التفجيرات الإرهابية، ولكن من جهة أخرى هناك صراعات أخرى خفية في بعض الأحيان وعلنية في اغلبها .
إن البعثيين قد عادوا إلى مناصبهم المدنية والعسكرية وهذا ما لا يستطيع احد إنكاره، وأما مسألة إعادة من لم يثبت عليه تهمة القتل، لم يكن قط دليل براءة لإعادتهم، ولذلك عملية إعادتهم بهذه السرعة والى أماكن مدنية وعسكرية حساسة كانت خطأ فادحاً، فالبعثي وان لم يرتكب جريمة ما فأنه يحمل فكراً إجرامياً ويستخدم كل الوسائل للسيطرة على السلطة، ولذلك كان التحسن الأمني مرهوناً بهؤلاء البعثيين الذين أوقفوا نشاطاتهم بعدما تغلغلوا من جديد داخل مؤسسات الدولة , والآن وباقتراب موعد الانتخابات دب فيهم النشاط مجدداً. لابد إن عملية تجميع وإعداد هذه المفخخات وبهذه الكمية التفجيرية لم يكن سهلاً ولذلك كان من المفترض أن يكون كشف هذه العملية سهلاً قبل وقوعها ( نظرياً ) , ولكن الذي حدث إن الترتيب كان سهلاً والكشف عن الجناة سوف لن يتم لسبب بسيط هو إن الجناة هم سوف يباشرون التحقيق ومن الطبيعي سوف لا يوجهون الاتهام لأنفسهم لأنهم مقصرون .لا بد إن جريمة مصرف الزوية كان الإعداد له صعباً ولكن خيوط الجريمة كشفت، وحدث تشهير وإسقاط واتهامات مبطنة وعلنية لبعض الجهات ومن قبل إعلام الدولة قبل المعارضة، والتصريحات الصاروخية لبعض المسؤولين جداً لا نسمعه الآن بعد هذه التفجيرات .
لنترك البعثيين والتكفيريين ونعود إلى الصراعات التي تحدث من اجل كسب مقاعد البرلمان , ولو نفكر وللحظة واحدة لماذا يتلهفون هؤلاء للحصول على مقعد في البرلمان أو مقعد في مجلس محافظة , وهل الذي يزور (تزوير) شهادة تخرج جامعية سيخدم الناس والوطن؟ وهل الذي كان محتالاً ونصاباً في بلدان المهجر سيكون نزيهاً؟ لا اعتقد أن لدى رؤساء الأحزاب والكتل جواباً شافياً يريحنا من عناء التفكير في هذه المسائل. لابد إن المقعد البرلماني فيه ميزة كبيرة فالمقعد يعني مرتب ضخم ومرتبات لحماية صاحب المقعد وجواز دبلوماسي وتعيين الأقارب والأحباب في المناصب الإدارية وغير الإدارية , هذا من غير الرشاوى والعمولات , ولذلك يسعى منتسبو الأحزاب إلى تزوير الوثائق والسجلات , لا يهم أن يزوروا ماداموا ينهبون خيرات الوطن فالوطن صار ملكهم وتم تسجيله في الطابو ( التسجيل العقاري).
التعيينات العشوائية وتوزيع الوظائف على أساس المحسوبيات دون الالتفات إلى الكفاءة العلمية أو المهنية كان سبباً لإهدار المال العام والفساد الإداري وعدم المسؤولية وكل ذلك تسبب في قلة الحرص على أموال وأرواح الأبرياء , وهذا ما زاد في اختفاء الضمير الجمعي لدى عامة الناس أيضاً. مؤسسات الدولة صارت ملكاً للحكومة وهذه الأخيرة غير حيادية في تعاملها مع الآخرين وغير نزيهة في الكشف عن المفسدين وهذا ما أربك الحركة السياسية في البلاد وأربك العامة أكثر مما هم مربكين , ونحن على أبواب الانتخابات والحكومة مازالت تتصرف وكأنها هي صاحبة الثروة في البلاد فتمنح الهدايا والإكراميات كيفما تحب، فهذه مكرمة سيادة رئيس الوزراء , وهذه مكرمة الوزير الفلاني والمسؤول الفلاني. أود أن أقول متى يفهم المسؤول بأنه موظف في الدولة العراقية ؟ ومتى يفهم المسؤول إن أموال الدولة ملك للشعب؟
|
|