شرعية قتل المواطن وموازين حقوق الإنسان المبتورة
|
بشرى الخزرجي
لم تكتف حكومات الدول العربية والبالغ عددها (عيني باردة عليها) 22 دولة بالصمت المخزي وهي ساكتة غير مبالية أمام مشاهد الدم وجنون مرتكبي الجرائم المروعة التي فتكت وتفتك بالعراقيين منذ انتقال النظام الصدامي إلى (جهنم الحمرة) حتى يوم الاربعاء الماضي، حيث وقوع سلسلة التفجيرات الآثمة التي هزت العاصمة بغداد وراح ضحيتها دون مئات من المواطنين الآمنين، بين شهيد وجريح وما سبقتها من عمليات جبانة ضد سكان القرى والمدن الآمنة المسالمة في شمال ووسط وجنوب العراق.
إنما أوغلت هذه الدول العربية (الشقيقة) في صمتها المريب العجيب وتمادت وكافأت وشجعت كل من يتسبب في زيادة الجراح العراقية وتعميقها وتوطينها، فهي تتلذذ وترقص طربا كما هو بادر منها على أصوات دوي الإنفجارات والمفخخات والعبوات التي ترسلها بدعم مالي مفضوح للشعب العراقي وباستمرار. وعلى قول تلك العجوز الجنوبية الطيبة التي شاهدنا حرقة قلبها وعذاباتها المريرة من على شاشة الفضائية الفيحاء (مليَنا وطلعت أرواحنا) من أخبار القتل والتفخيخ والضغوط المستمرة على المواطن البسيط وحياته ومستقبله، وجزعنا وذهب الصبر عنا ونحن نخاطب المسؤولين المستفيدين من بقاء الحال على ما عليه من الضعف والهوان. واذا كان الشارع العربي والمحيط الإقليمي لايريد لنا الخير ولا يبالي ولن يكترث لمصائبنا وقد أصابه العمى المستديم مقابل عمليات الإبادة المنظمة والظالمة التي تطال أبناء الشعب العراقي ولأسباب ومواقف عدائية للعملية السياسية ووضع العراق الجديد في المنطقة، فهنالك بعد من كتل برلمانية وسياسيين عراقيين من داخل المؤسسات الحكومية والأمنية يعملون وبنفس الغايات على ديمومة هذا الحال المتردي، فهم ونعني الشخصيات السياسية الحاملة لأجندات خارجية يسهمون وبإصرار وترصد على جعل دوامة العنف والأزمات قائمة تعصف بالعراق و أهله وعلى الدوام!
لقد أصبحت بعض الشخصيات السياسية وأحزابها المتكاثرة، حجرعثرة وعبئاً ثقيلا على الدولة العراقية والشعب العراقي وعلى الصعد كافة الأمنية منها والسياسية والاقتصادية والخدمية أيضا، فالبعض منها مبهم لا تعرف له (ساس ولا راس) يتحرك وفق ما يُملى عليه من قرارات خارجية لا علاقة لها بالعراق وسيادته ومصالحه الوطنية، حيث تصب في مصلحة الدول الممولة والداعمة لفكرة عودة عقارب الزمن إلى الوراء.
وقبل أن يحل موعد الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني من العام القادم، وإشارات قادة العراق والولايات المتحدة الأمريكية لاحتمالات عودة العنف في العراق، وفي ظل حمى التسابق نحو السلطة وبريقها وفي خضم الانقسامات والانشطارات الحزبية وما رافقتها من تصريحات تسقيطية تحريضية ضد تلك الجهة وهذا الحزب، سال الدم العراقي المباح ثانية، وعلت أصوات التنديد مرة أخرى مبادرة بالاستنكار وعبارات الشجب المتكررة تملأ شرائط الأخبار المتحركة والثابتة منها، في وسائل الإعلام ،بينما لم يتحسس اويتلمس الشارع العراقي لهذه الاستنكارات أثرا يذكر على الأرض، وظل العقاب ومسألة محاسبة الجاني المستهتر بأعراض ودماء الناس بعيدة عن أصحاب القرار فلم يحصل أن نال أحد من القتلة العقاب المناسب لجرائمه! فالإرهابي القاتل المجرم في بغداد ومنذ سنوات عدة يتم استعراضه من على شاشة الفضائية العراقية ويقوم بالاعتراف بجرائمه البشعة بحق المدنيين العزل وبكامل قواه الشريرة الشيطانية شارحا للعامة من بني البشر طرق ذبح الضحية بعد تعذيبها واغتصابها.. وبعد ان ينتهي هذا العرض الدراماتيكي المقزز الذي يثير الدهشة والاستغراب في دواخل المشاهدين، ويملأ صدورهم غيظا وحسرة مصحوبة بمشاعر التعاسة والقرف من هذا الزمن العار، يساق هذا المجرم الخبير بفنون الذبح على الطريقة الصدامية والتكفيرية إلى زنزانته المحمية ودعوات دعاة حقوق الإنسان وقوانينها الملثومة ترعاه وتحرسه.. فهل رأيتم في الدنيا اجمعها بلداً يصان فيه الإنسان وتحفظ حقوقه كما يحدث في العراق! الجواب:كلا وألف كلا!
|
|