مؤتمر القرآن الكريم في مدينة سيهات للسنة السابعة على التوالي..
(التوحيد والشرك قراءة قرآنية في الأبعاد الحضارية والاجتماعية)
|
الهدى / متابعات
أقيمت في حسينية الرميح بمدينة سيهات شرق السعودية الدورة السابعة لمؤتمر القرآن الكريم تحت عنوان (التوحيد والشرك قراءة قرآنية في الأبعاد الحضارية والاجتماعية)، وذلك على مدى يومين في السادس عشر والسابع عشر من الشهر الجاري، وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من علماء الدين والمفكرين، قدموا دراساتهم وبحوثهم القرآنية التي دارت محاورها حول الأبعاد الحضارية والاجتماعية لمسألة التوحيد والشرك.
وأفتتح المؤتمر سماحة الشيخ أمين المحفوظ في كلمة بين فيها أن مفهوم الإيمان بالله وعدم الشرك به يشكل أصلاً تتفرع منه كل القيم والمبادئ بل والشرائع العملية التي تحكم التطور البشري وتنظم حياته في أبعادها المختلفة والمتغيرة زماناً ومكاناً، وأضاف: أنه لا يمكن للحضارة التي يصنعها البشر أن تكون ملتزمة بالعدالة في كل أبعادها، أو بحقوق البشر في جميع المجالات، مرجعاً سبب ذلك إلى أن الحضارة التي تبتعد عن قيم ومبادئ التوحيد تتجه لتأليه المادة وهنا بالذات يبدأ البشر مسيرة الظلم والتعدي والانحراف عن هدف الخلقة، داعياً إلى الرجوع لعقيدة التوحيد القرآنية.
* التوحيد والشرك والانبعاث الحضاري*
وشارك في الجلسة الأولى من المؤتمر كل من سماحة السيد جعفر العلوي وسماحة السيد حسن النمر و حيث قدم كل منهما دراسته في الليلة الأولى، وكانت دراسة سماحة السيد جعفر العلوي بعنوان (التوحيد و الشرك و الانبعاث الحضاري)، وقد بدأ دراسته بشرح مفهوم الحضارة، حيث عدّ مفهوم الحضارة من المفاهيم العسيرة في التحديد، و ذلك بفعل التطور الدلالي الذي حظي به عبر تاريخ الحضارة نفسها.
وبين السيد العلوي في دراسته المعاني والدلالات في مفهوم الحضارة لينتقل بعدها للحديث في التوحيد مبينا أن (أول الدين معرفته)، حيث يكون التوحيد ثمرة المعرفة وكمالها بأن يزيل الانسان عن نفسه حجب الخلق مستدركاً بأن لا يجعل في اعتقاده أنه موجودا ليس له قدرة مستقلة ذاتية، عادّاً هذا الاعتقاد بانه منزلق الشرك.
*دور التوحيد في بناء الحضارات والمجتمعات*
أما دراسة السيد النمر فجاءت تحت عنوان (دور التوحيد في بناء الحضارات والمجتمعات.. رؤية قرآنية)، ابتدأ دراسته بسؤال: هل يتمكن الدين أن يبني حضارة ومجتمعا إنسانيا؟ مبينا أن هذا السؤال قد يثيره البعض لعدة أسباب موضحا أن منها التشكيك بحسن نية قدرة الدين عموما، والدين الإسلامي خصوصاً على إقامة حضارة تضارع ما شيد من حضارات عبر التاريخ، و ذكر النمر أن من الأسباب التي تدفع هذه الفئة في التشكيك في قدرة الدين الجهل بمعارف الدين و ضعف الاعتقاد به و الاهتزاز النفسي أمام هجوم الأعداء.
وأضاف النمر " يجب أن يكون السؤال هكذا: (هل يمكن بناء حضارة توحيدية ومجتمع توحيدي؟) مستدركا؛ أننا لسنا ملزمين أن نرى حضارة و مجتمع منشودين بعيون غربية، إنما الهدف الوصول إلى أفضل صورة للحضارة و المجتمع.
وذكر النمر في دراسته بأن (الحضارة التوحيدية) تقوم على ثنائية العلم و العمل، فلا يسمح بتشييد الحضارة على أسس غير علمية واصفا صور العلم بأنها قد تكون وحي أو العقل أو التجارب، مؤكداً على أنه لا يوجد مجال للكسل و الخمول في الرؤية التوحيدية للحضارة.
*اليوم الثاني*
وفي اليوم الثاني من المؤتمر شارك كل من سماحة الشيخ أمين المحفوظ و سماحة السيد جعفر العلوي و سماحة السيد حسن النمر، كما شارك في الليلة الختامية للمؤتمر كل من سماحة السيد محمود الموسوي و سماحة الشيخ ضياء آل سنبل.
وجاءت ورقة السيد محمود الموسوي تحت عنوان (في رحاب التوحيد ..السنن الإلهية وحركة العقل البشري)، أكد في مطلع دراسته أن المنهج القرآني في تناول البحث العقيدي يتمازج مع حياة الإنسان مستدلاً في ذلك بسورة التوحيد، ومحاولاً أن يكشف لنا منهجية القرآن الكريم، واصفاً إياها بأنها منهجية تمازج بين العقيدة وعلى رأسها الإيمان بالله وتوحيده، وبين حياة الإنسان وحركة الإنسان ومسؤوليات الإنسان.
وعد الموسوي أن التوحيد أولى المعارف التي تبنى على أساسها سائر معارف الإنسان، مشيراً إلى أن معرفة الله تنقذ من الأخطاء و حفظ للتوازن و مفتاح للأولياء، وتتم هذه المعرفة عبر تفكير العقل في السنن التكوينية التي يراها كل الناس دون استثناء.
وأختتم الموسوي دراسته بالتأكيد على أن السنن التكوينية طريقاً إلى التوحيد، و أن التوحيد طريقاً إلى سنن الحياة الطيبة.
كما عرض سماحة الشيخ ضياء آل سنبل دراسته و التي جاءت بعنوان موازين التوحيد و الشرك في القرآن الكريم، استنكر خلال ندوته حالات التكفير التي يتعرض لها أتباع عقائد أهل البيت (عليهم السلام) بتهمة (الشرك)، مؤكداً أن عقيدتنا في أهل البيت (عليهم السلام) لا تعد شركاً.
ودراسة الشيخ السنبل تناولت شرحاً في كيفية تشخيص حالات الشرك عن طريق الآيات القرآنية، عاداً محور (موازين التوحيد و الشرك) من أهم المحاور لتفادي حالات التكفير الواقعة في الأمة.
وفي نهاية المؤتمر علق سماحة الشيخ مصطفى البيات على الورقتين، حيث دعا سماحته الأمة لضرورة فهم القرآن، مؤكداً على أن فهم القرآن مسؤولية الجميع و ليس من خصوصية فئات معينة.
وفي معرض تعليقه على ورقة الموسوي قال البيات: نوقش التوحيد بشكل معقد، لكن السيد الموسوي تطرق إلى الآيات التي تقرب فهم التوحيد مثنياً على دراسة سماحة السيد الموسوي.
وتساءل البيات: إذا كان التوحيد يقودنا إلى التكامل؛ فلماذا يكفر المسلمين بعضهم البعض؟ ولماذا لم تجمعه راية التوحيد؟ مرجحاً سبب ذلك إلى الانعدام المعرفي بعلوم أهل البيت (عليهم السلام).
وفي كلمة له في ختام المؤتمر عدّ الأستاذ في التربية و الشؤون الأسرية في البحرين السيد صلاح الخوجة، مثل هذه المؤتمرات خطوة للإنسان نحو الأفضل، مؤكداً أننا نملك القواعد الرائعة في الإستراتيجية للوصول إلى السعادة، و مضيفاً أن الوقاية من التكفير خير من علاجه، و أن تشخيص حالة المرض سر علاجها و الوقاية منها، مؤكداً أن أكثر حالات التكفير هي وليدة التربية منذ الصغر، منوهاً إلى ضرورة احترام عقلية الإنسان.
يشار إلى أن المؤتمر يقام للسنة السابعة على التوالي في مدينة سيهات، وناقش خلال مؤتمراته السبع مواضيع فكرية وثقافية واجتماعية برؤية قرآنية، حيث يهدف المؤتمر من خلالها للاحتكام للمنهج القرآني على الأصعدة الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية كافة.
|
|