المحسوبية والمنسوبية في الشعر
|
*محمد طاهر محمد
ربما يعد تقييم الأعمال الأدبية من أكثر الأمور المثيرة للجدل من قبل المعنيين بالحركة الثقافية في الوقت الحاضر حيث تباينت وجوه الآراء حول اسس التقييم في العمل الأدبي وكثر الأختلاف حول العناصر التي يجب ان يوليها الناقد اهمية خاصة على الرغم من استيفاء هذا الموضوع حقه من قبل النقاد القدماء حيث اسهبت كتب النقد القديمة في الحديث عن العناصر المهمة التي هي مكون القصيدة المتكاملة ورغم الأختلاف البسيط بين هؤلاء النقاد القدماء حول هذه العناصر إلا انه لا يتجاوز الحدود المتعارفة والموروثة للقصيدة العربية بل ان هناك شبه اجماع وعلى مدى قرون طويلة حول الركائز الأساسية للقصيدة والتي يستندون إليها في التقييم.
ولانريد هنا الخوض في غمار هذا الموضوع المطروق كثيراً من قبل الباحثين والنقاد الكبار كما لانريد ان نتحدث بمنطق تعليمي حول اهمية هذه الخصائص في الشعر بقدر مانحن بصدد الحديث عن المناهج والأتجاهات الغريبة التي طرأت على الشعر ومدى تفاعل بعض النقاد مع هذه التيارات الى حد النخاع ومما يزيد من حدة هذا الجدل هو ان تقييمهم لا يعتمد على مقاييس ومبادئ يعرف بها الغث من السمين ويميز بها الأدب الجيد من غيره بقدر اعتمادهم على المحسوبية والمنسوبية والعلاقات الشخصية التي تربطهم مع الشاعر مما أدى الى محو الغائية والتخبط في الغموض والأبهام فاصبح دور الشعر بدلاً من التعبير عن المسائل الحياتية وتصويرها وتجسيدها وتقريبها الى المجتمع بأسلوب فني وقيم جمالية معتمداً الألتزام أولاً نحو هذه القضايا ثم الهدف الذي يسعى به الشاعر نحو مجتمعه يؤدي دوراً مبهماً يزيد في تعقيد قضايا الحياة عندما غلفه (المتشاعرون) بالتغميض – وليس الغموض – وعدم تبني أية قضية حياتية في شعرهم الفارغ من المحتوى ولاأدري هل ان دور الشعر هو ايضاح المبهم أو إبهام الواضح كما في النصوص الحديثة التي هي كمن يرسم في ذيل حمار وليس بريشة فنان كما قال احد كبار الأدباء عن دعاة الفن التجريدي.
فعلى هؤلاء الشعراء الذين شغفوا بكل ماهو غريب وشاذ ولانقول غربي لأن لكل أدب مقاييسه واهدافه نقول ان على هؤلاء ان يعوا ان لكل مجتمع وسائل حياته وفلسفتها الخاصة ولا يمكن بأي حال من الأحوال المقارنة بين مجتمعين مختلفين في كثير من الأمور بل من المستحيل المقارنة بينهما في كثير من الأمور الجوهرية كما على النقاد تنبيه هؤلاء الشعراء الذين لايدركون حقيقة واقعهم ولايستجيبون لها لعزلتهم او انحرافهم او عدم وعيهم بما يطلبه منهم مجتمعهم من قيم انسانية وجمالية وكذلك عدم حثهم في جريهم نحو الأنحلال والهروب نحو فلول المذاهب الأدبية المستوردة.
|
|